ثمة العديد من العقبات التي تقف في طريق جهود عملاق التكنولوجيا الأمريكي “أبل” لزيادة إنتاجه في الهند، في ظل مواجهته ضغوطاً لتقليص اعتماده التصنيعي على الصين.
يرسل صانع هواتف “أيفون”، المهندسين ومصممي المنتجات من كاليفورنيا والصين إلى مصانع في جنوب الهند لتدريب السكان المحليين والمساعدة في تعزيز الإنتاج، بحسب أربعة أشخاص مطلعين على العمليات.
يأتي ذلك في وقت تحاول فيه “أبل” التخلص من اعتمادها على استراتيجية سلسلة التوريد المتمركزة حول الصين، بعد أشهر من نشوب اضطرابات كوفيد-19 التي قادت الشركة للإعلان عن أول انخفاض في إيراداتها الفصلية خلال ثلاثة أعوام ونصف في بداية فبراير الحالي.
تبني “أبل” المراحل الأولى من عملياتها في الهند ضمن استراتيجية تنويع طال انتظارها، بعد المخطط الذي خصصته للصين قبل عقدين، حيث يشرف المهندسون والمصممين على التصنيع في الغالب لأسابيع أو شهور، حسبما نقلت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
اعتادت شركة “أبل” على إنتاج هواتف “أيفون” منخفضة المستوى في الهند منذ عام 2017، لكن سبتمبر الماضي كان شهراً هاماً بالنسبة للشركة بعد أن صنع الموردين الهنود نماذج رائدة في غضون أسابيع من إطلاقها في الصين، حيث تُصنع كافة هواتف “أيفون” وأجهزة “أبل” الأخرى تقريباً.
لكن تجربتها في الأشهر الأخيرة أظهرت حجم العمل الذي يتعين القيام به في البلد الآسيوي.
تعليقاً على الأمر، قالت جو وانج، المستشار في “باين”، إن “أبل” لا تزال في بداية توسعها في الهند.
وأضافت وانج: “نحن لا نتحدث عن نفس الحجم لمصنع تشنغتشو، وهو مركز تصنيع بالصين يُعرف باسم (مدينة أيفون) ويعمل فيه حوالي 300 ألف عامل، كما يقر الجميع بأنه ستكون هناك كفاءة مختلفة، وهذا يحدث بالفعل”.
جدير بالذكر أن الموردين والمسؤولين في في الصين اتبعوا نهج “مهما تطلب الأمر” للفوز بطلبات “أيفون”، حيث صف موظفو “أبل” السابقون أن الأمور التي يعتقدون أنها ستستغرق عدة أسابيع، كانوا يجدونها قد اكتملت بالفعل بسرعة لا يمكن تفسيرها في صباح اليوم التالي.
وبمقارنة الأمر مع الهند، فقد قال مهندس سابق في “أبل”، إنه “ليس هناك شعور بالاستعجال والأهمية”.
قال شخص مشارك في أعمال “أبل” إن عملية التوسع في الهند بطيئة جزئياً بسبب الخدمات اللوجستية والتعريفات الجمركية والبنية التحتية، موضحاً أن تنويع “أبل” في جنوب شرق آسيا أصبح أكثر سلاسة بفضل الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، وهي اتفاقية تجارة حرة عُقدت بين 10 دول إقليمية.
قال مارك زيتر، رئيس “فينتشر أوت سورس”، وهي شركة استشارية لصناعة الإلكترونيات التعاقدية، إن هذا الجمود الذي تتسم به الهند يمثل مشكلة لأعوام.
مع ذلك، يقول المحللون إن إمكانات الهند هائلة بالنسبة لشركة “أبل” على الرغم من هذه العقبات.
تقدر شركة الاستشارات العالمية “باين” إمكانية ارتفاع الصادرات الصناعية من الهند بمقدار يزيد عن الضعف من 418 مليار دولار في عام 2022 إلى أكثر من تريليون دولار في عام 2028، وذلك بدعم من السياسات والتكاليف المنخفضة، كما قدرت إمكانية نمو صادرات الإلكترونيات وحدها بمعدل سنوي يبلغ 40%.
قال فيفيك وادوا، رجل الأعمال والأكاديمي المقيم في وادي السيليكون والذي التقى الشهر الماضي بمسؤولين حكوميين مثل رئيس الوزراء ناريندرا مودي، إن الحكومة الهندية تشجع الشركات على الاستفادة من حاجة “أبل” إلى تنويع صناعتها بعيداً عن الصين.
وأوضح أن حكومات المقاطعات “تبذل قصارى جهدها لجلب الصناعة، وستفعل ما فعلته الصين، لكن هذه خطوات صغيرة”، مضيفاً أن “أبل بدأت الآن في العمل على أرض الواقع لتعرف ما سيجدي نفعاً وما لن ينجح، امنح الشركة ثلاثة أعوام وستشهد توسعها”.
اعترف وادوا بأن “أبل” بحاجة للتكيف مع الحكومة البيروقراطية المجزأة في الهند، مشيراً إلى أن “كل شئ في الهند يمثل عقبة”.