القاضي: لدينا 16 مليون نخلة مثمرة وفرص كبيرة لجذب الاستثمارات
جهاز الخدمة الوطنية ينفذ أكبر مزرعة في العالم سعة 2.3 مليون نخلة
قفز إنتاج وصادرات مصر من التمور إلى مستويات جديدة، هي الأعلى في العالم، لتسجل قيم الصادرات 59 مليون دولار في 2022.
قال الدكتور أمجد القاضي، المدير التنفيذي لمركز تكنولوجيا الصناعات الغذائية والتصنيع الزراعي بمراكز التكنولوجيا والابتكار الصناعي بوزارة التجارة والصناعة، إن إنتاج مصر من التمر بأصنافه المختلفة، سجل نحو 1.8 مليون طن العام الماضي.
وتحتل مصر المركز الأول عالميًا في الإنتاج، بنسبة 19% من حجم الإنتاج العالمي الذي يُقدر بنحو 9.5 مليون طن سنويًا، كما يمثل 24% من الإنتاج العربي الذي يُقدر بنحو 7.5 مليون طن سنويًا.
أضاف القاضي، في حواره لـ”البورصة”، أن صادرات مصر من التمور حققت أعلى قيمة لها في 2022 لتصل إلى 59 مليون دولار بكميات سجلت 48 ألف طن، مقابل نحو 52 مليون دولار في 2021 بكميات 52 ألف طن.
ولفت إلى أن تنوع الظروف المناخية في محافظات مصر المختلفة سمح بإنتاج أصناف مختلفة من التمور ليرتفع عدد النخيل المثمر في مصر إلى 16 مليون نخلة مثمرة، فضلا عن المشروعات التي تشجعها الدولة خلال السنوات الأخيرة للتوسع في زراعة التمور بمحافظات الوادي الجديد والجيزة والمنيا وأسوان.
أضاف أن عدد المنشآت الصناعية العاملة في مجال تصنيع وتعبئة التمور كنشاط أساسي يصل إلى 142 مصنعًا ومحطة تعبئة، منها نحو 52 مصنعًا في محافظة الجيزة، و 35 مصنعًا بمحافظة الوادي الجديد، و13 مصنعًا في سيوة بمحافظة مطروح.
وأشار إلى أن الأصناف الرطبة من التمور تمثل أكثر من 50% من إجمالي الإنتاج السنوي، والتي تضم أنواع أشهرها (الحياني، الزغلول، السماني، الأمهات) التي يرتكز إنتاجها بمحافظات البحيرة وكفر الشيخ ودمياط والشرقية، ويتم استهلاكها في الغالب في السوق المحلية.
ويُعد “البرحي” أحد هذه الأصناف الرطبة، إذ تشهد مصر توسعًا كبيرًا في إنتاجه خلال السنوات الأخيرة.
أما الأصناف نصف الجافة ، فهي التي تحظى بطلب جيد في السوق العالمية، وتضم (السيوي، الصعيدي، العمري، العجلاني) وتمثل نحو 20% من إجمالي الإنتاج المحلي.
وتُزرع هذه الأصناف في محافظات الوادي الجديد، والواحات البحرية، والبدرشين بمحافظة الجيزة، وفي أسيوط، والمنيا، والفيوم، وسيوة بمحافظة مطروح.
اقرأ أيضا: “التصديري للصناعات الغذائية” يشكل لجنة متخصصة لتطوير مصنعات التمور
قال القاضي، إن صنف «المجهول أو المجدول» أحد أهم الأصناف نصف الجافة التي شهدت توسعًا كبيرًا في إنتاجها، إلى جانب زراعة أصناف تمور خليجية وعربية أخرى أهمها (خضري، خلاص، سكري).
وأشار إلى أن البلح الجاف يمثل نحو 5% من إجمالي إنتاج مصر من البلح والتمور ، وأشهره السكوتي، والجندلية، والبرتمودا، وتنتشر زراعته في أسوان، ويحظى بفرص جيدة للتسويق الدولي إذا ما تم إنتاجه بصورة نصف جافة.
وأوضح أن نحو 25% من إجمالي الإنتاج هي تمور غير متجانسة ناتجة عن نخيل بذري مختلف عن خصائص الأم، وبعضها ذو مواصفات جودة مرتفعة مثل صنف «الملكابي» ومطلوب التوسع في إنتاجه.
أضاف أن مركز تكنولوجيا الصناعات الغذائية والتصنيع الزراعي،و في إطار دور وزارة التجارة والصناعة في تطوير قطاع التمور، واستراتيجية تطوير القطاع ، حدد مجموعة من التحديات التي تواجه تطوير قطاع زراعة النخيل وإنتاج التمور في مصر وأطلق أيضًا مجموعة من المقترحات من شأنها تعظيم القيمة والاستفادة من مركز مصر كأكبر منتج للبلح والتمور في العالم.
ولفت إلى أن أبرز التحديات التي تواجه المحصول هي أن نسبة كبيرة من الإنتاج من الأصناف الرطبة سريعة التلف، والأصناف البذرية المجهولة من التمور الجافة في الأغلب ذات قيمة اقتصادية منخفضة، وأن معظم الأصناف المنتجة محلياً غير معروفة بالأسواق الدولية.
ونوه إلى ارتفاع فاقد التمور خلال مراحل الحصاد ومعاملات ما بعد الحصاد والتصنيع، خصوصا الأصناف الرطبة.
نقص العمالة المدربة
قال القاضي، إن نقص العمالة والكوادر الفنية المدربة في مجال تنفيذ عمليات الخدمة المختلفة بالطرق الصحيحة وارتفاع أسعارها يُعتبر من أكبر التحديات التي تواجه القطاع.
وأشار إلى ضعف تطبيق الممارسات الزراعية الجيدة وأنظمة الجودة في مناطق الزراعات القديمة، فضلا عن اتباع الطرق التقليدية القديمة في جمع وتداول الثمار الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض الجودة والإنتاجية والقيمة التسويقية للثمار.
أضاف أن الجودة تبدأ من المزرعة نتيجة تطبيق الممارسات الزراعية الجيدة، ومعاملات ما بعد الحصاد للحفاظ علي هذه الجودة، ومن ثم تعظيم القيمة المضافة من خلال العمليات التصنيعية المختلفة.
وشدد على ضرورة استمرار وتكثيف البرامج الإرشادية في مناطق الإنتاج، وإنشاء مراكز للتدريب على العمليات الزراعية مثل مدارس النخالين، والمدارس الحقلية، والحقول الإرشادية ، لبناء القدرات ورفع كفاءة الموارد البشرية وتوفير العمالة المدربة.
استراتيجية تطوير التمور بمصر
قال مدير مركز تكنولوجيا الصناعات الغذائية، إن وزارة التجارة والصناعة تولي قطاع التمور اهتمامًا بالغًا للاستفادة من مركز مصر كأكبر منتج للبلح والتمور على مستوى العالم، إذ يعتبر من القطاعات الواعدة لزيادة الاستثمارات، وخلق فرص عمل، وزيادة الصادرات.
ولفت إلى إنشاء اللجنة القومية لتطوير قطاع التمور بمصر. كما تم إصدار الاستراتيجية المصرية لتطوير التمور بالتعاون بين وزارة التجارة والصناعة ووزارة الزراعة واستصلاح الأراضي ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) لتحقيق نهضة شاملة لقطاع النخيل والتمور في مصر، والتي تقوم على التطوير السريع والمستدام لكافة حلقات سلسلة القيمة.
وأشار إلى أن الاستراتيجية تضمنت خطط عمل تنفيذية لكافة حلقات سلسلة القيمة من خلال محاور الإنتاج الزراعي، ومعاملات ما بعد الحصاد، والبحوث والتطوير، والتصنيع والتعبئة، والتسويق المحلي والدولي، والاستفادة من النواتج الثانوية.
تحديث استراتيجية التطوير
أعلن القاضي أنه يتم حاليًا تحديث استراتيجية تطوير القطاع بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة وكافة الجهات المعنية، فضلاً عن التعاون مع المجلس التصديري للصناعات الغذائية وجائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي لإصدار استراتيجية خاصة بتعظيم القيمة المضافة للتمور المصرية.
وشدد على أهمية تشجيع التوسع في زراعة الأصناف المطلوبة للأسواق الدولية ولكن بشكل مدروس، وتشجيع تطبيق التقنيات الزراعية الحديثة وتأهيل المزارع للحصول على شهادات الممارسات الزراعية الجيدة والزراعة العضوية.
أشار القاضي، إلى اهتمام القيادة السياسية بهذا القطاع الواعد، وتوجيهاتها بإنشاء أكبر مزرعة للتمور في العالم بتوشكي والعوينات سعة 2.3 مليون نخلة من الأصناف عالية الجودة ذات القيمة التسويقية المرتفعة على مساحة 38 ألف فدان، والتي ينفذها جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، إذ سيكون لها دور كبير في تعظيم الإنتاج وتحقيق ثروة كبيرة من هذا القطاع خاصة أن الأصناف بها عالية الإنتاجية والقيمة، كما تحظى بطلب عالمي كبير.
أضاف أنه تم رعاية المهرجان الدولي للتمور المصرية الذي تنفذه وزارة التجارة والصناعة بالتعاون مع جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي، وكذا الملتقي التسويقي بمحافظة الوادي الجديد التي تشهد أيضاً توسعاً في انتاج التمور.
اقرأ أيضا: “فوود أفريكا”: 2 مليار دولار حجم تجارة التمور عالميًا.. وفاقد الإنتاج فى مصر 40%
كما تم تأهيل ومنح 160 مزرعة نخيل بسيوة على مساحة 200 فدان ، شهادة الزراعة العضوية Eco-Cert بالتعاون مع جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي.
وأشاد بدور أجهزة وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي في ضمان استمرار تشغيل معامل المكافحة الحيوية بمناطق الانتاج.
أضاف أن الاستراتيجية ، لفتت إلى ضرورة إنشاء أسواق مركزية للتمور في مناطق الإنتاج ووضع آلية للتسعير، والترويج للتمور والتوعية بقيمتها الغذائية والصحية والعلاجية.
وشدد على أهمية الاستمرار في تحديث دراسات الأسواق الدولية، وتطوير وسائل التسويق، وفتح قنوات تسويقية جديدة، وتيسير مشاركة المنتجين في المعارض الدولية، ودعوة المستوردين للمعارض الداخلية.
ولفت إلى أهمية تعظيم الاستفادة من الاتفاقيات التجارية التي تربط مصر بدول العالم، وتشجيع المصدرين بعدة طرق منها الحوافز التصديرية، وتشجيع الاستفادة من النواتج الثانوية الزراعية وإدخالها في العديد من الصناعات.
تطوير المصانع الحالية وإنشاء أخرى جديدة
أكد القاضي أن أحد أهم محاور الاستراتيجية يقوم على تطوير المصانع الحالية، وجذب الاستثمارات لإضافة مصانع جديدة، إذ تم إعداد الدراسات الفنية لإنشاء مصنع تمور سيوة الحكومي، والذي يضم 6 خطوط إنتاج بالتعاون مع وزارة التعاون الدولي ومحافظة مطروح في 2007، بالإضافة إلى تأهيل المصنع بنحو 10 ملايين جنيه بمنحة من دولة الإمارات في 2016 بالتعاون مع جائزة خليفة، وفي نفس الإطار تم تأهيل مجمع تمور الوادي الجديد، بهدف تحسين الجودة والإنتاجية بتكلفة 15 مليون جنيه بمنحة من الإمارات، وتضمن تحديث بإضافة أول ماكينة للفرز الضوئي الإلكتروني للتمور النصف جافة بمصر خلال 2019، وكذا إنشاء مخازن مبردة ومجمدة للتمور سعة 4 آلاف طن بالواحات البحرية التابعة لمحافظة الجيزة بتكلفة 16 مليون جنيه بمنحة من الإمارات في 2020.
وذكر أن المركز، قام باعداد العديد من دراسات الجدوى لإنشاء مصانع التمور الجديدة لتعظيم القيمة المضافة وإنتاج منتجات متعددة من التمور، متضمنة دراستي إنشاء مصنعين للتمور بأسوان والواحات البحرية، كما يقوم المركز بتقديم خدمات الدعم الفني اللازم للمصانع بشكل مستمر، كما قام بتأهيل 8 مصانع للحصول علي شهادات الجودة العالمية واعتماد المجلس الهيئة القومية لسلامة الغذاء والانضمام لعضوية المجلسين التصديرين للحاصلات الزراعية والصناعات الغذائية، وتنظيم العديد من ورش العمل، وقام بالتعاون مع مصنعي خطوط الانتاج والتعبئة والتغليف لتعميق التصنيع المحلي لخطوط الانتاج.
وتجدر الاشارة ، إلى أن المركز يقوم حالياً بتنفيذ مشروع لتطوير سلسلة القيمة وانشاء علامة تجارية موحدة لتمور سيوة بالشراكة مع التعاون الايطالي.
ربط الصناعة بالبحث العلمي
كشف المدير التنفيذي لمركز تكنولوجيا الصناعات الغذائية والتصنيع الزراعي ، عن نقص تطبيق نتائج بحوث التطوير المتعلقة بدراسة الجوانب الفنية والاقتصادية لتعظيم القيمة المضافة، وضعف شبكات التسويق واعتماد غالبية إنتاج التمور على التسويق المحلي، في وقت تواجه فيه منافسة دولية قوية لتصدير التمور للأسواق الأكثر ربحية.
وأكد على ضرورة تشجيع البحوث والتطوير وربط الصناعة بالبحث العلمي، لتعظيم القيمة المضافة وتقليل الفاقد، واستخدام الفائض في إنتاج عسل البلح (الدبس) وعجينة التمر ومسحوق التمور المجففة والتمور المقطعة وغيرها من المنتجات.
ولفت القاضي، إلى قيام المركز بالتنسيق مع أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا لتمويل عدد من المشروعات البحثية منها مشروع الاستفادة من التمور في انتاج الأغذية الوظيفية وخاصة انتاج مسحوق التمور المجففة من الأصناف البذرية المجهولة والذي يشارك به المركز كمشارك داعم مع معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية بمركز البحوث الزراعية، حيث تضمن المشروع تصنيع أول خط تجريبي لانتاج مسحوق التمور المجففة، واستخدام المسحوق بديلا للسكر في انتاج الحلاوة الطحينية والبسكويت والويفر بعدد من المصانع.
كما تبنى المركز – بالتعاون مع عدد من الجهات البحثية – تنظيم عدد من ورش العمل لعرض أهم منتجات الجهات البحثية القائمة علي التمور علي المصانع والمستثمرين من جانب، ولتعرف الباحثين علي أهم المشاكل الفنية التي تواجه مصنعي التمور للعمل علي ايجاد الحلول التطبيقية لها من جانب آخر.
خريطة استثمارية لمشروعات النخيل وتصنيع التمور
في اطار تنفيذ مشروعات تطوير القطاع واصدار الدراسات الاستراتيجية ، تم إصدار أول أطلس للتمور المصرية.
كما تم أيضاً إصدار الخريطة الجغرافية لأهم أصناف النخيل المزروعة بمصر بالتعاون مع المجلس التصديري للحاصلات الزراعية، ووزارة الزرعة واستصلاح الأراضي وجائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي، تمهيدًا لإصدار خريطة استثمارية لمشروعات زراعة النخيل وتصنيع التمور بمصر.
قال القاضي، إن مصر شاركت في تأسيس الاتحاد العربي لمنتجي ومصنعي التمور في 2018، كما شاركت في المجلس الدولي للتمور خلال العام الماضي.
وأشار إلى انضمام قطاع التمور بمصر إلى مبادرة منظمة الفاو للعمل العالمي بشأن التطوير الأخضر للمنتجات الزراعية الخاصة «بلد واحد منتج واحد أولوية» خلال 2022.
الترويج والتسويق للتمور المصرية
أضاف أن استراتيجية تطوير التمور تضمنت أهم عنصر وهو الترويج والتسويق للتمور المصرية في الخارج بهدف التوسع في التصدير، وذلك من خلال المشاركة في المعارض الدولية أو إقامة معارض محلية متخصصة ودعوة مشترين أجانب لها.
وأشار إلى أن تنظيم المهرجان الدولي السنوي للتمور برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي نجح منذ 2015 في الترويج للمنتج المصري ودعوة كبار المشترين الدوليين للحضور، وذلك بالتعاون بين وزارة التجارة والصناعة و«جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي» مدعومًا من دولة الإمارات.
ونوه إلى التعاون من قبل المركز مع محافظة الوادي الجديد في تنظيم الملتقى السنوي التسويقي للتمور – الذي يحظي برعاية رئيس الجمهورية – بدورتيه خلال عامي 2021 و2022، بهدف التسويق لتمور محافظة الوادي الجديد ومناطق الإنتاج الأخرى.
وأشار أيضاً إلى تنظيم معرض «دايتس أفريكا» خلال الأعوام الأربعة الماضية على هامش معرض «فوود أفريكا» الذي يعتبر أحدث المعارض المتخصصة والتي لاقت إقبالا كبيرًا من قبل المشترين الدوليين، كما تم دعم مشاركة المصانع بالمعرض.
قال القاضي، إن التعاون مع جائزة خليفة لمشاركة مصنعي ومصدري التمور المصرية بمعارض ومهرجانات ومؤتمرات التمور الدولية بكل من الإمارات والسودان والأردن والمغرب وموريتانيا والمكسيك منذ 2016 كان أحد أهم الأدوات الترويجية لزيادة صادرات التمور المصرية والتوسع في قاعدة عملائها الدوليين.
وكشف أن المركز قام بالتنسيق مع جهاز التمثيل التجاري، إذ تم إعداد نحو 21 دراسة تسويقية للتمور المصرية في عدة أسواق دولية خلال عامي (2018 و2019) وإتاحة هذه الدراسات للمصدرين.
