أكد وزير الزراعة السيد القصير، أهمية البحث العلمي التطبيقي في تعظيم الاستفادة من وحدتي الأرض والمياه وزيادة الإنتاجية لتحقيق الأمن الغذائي لشعب مصر.
جاء ذلك في كلمة وزير الزراعة خلال الندوة التي نظمتها كلية الزراعة جامعة القاهرة، حول “استراتيجية التنمية الزراعية المستدامة”.
وأوضح وزير الزراعة أن الإجراءات المنفذة من جانب الدولة في سبيل تحقيق قدر من الاكتفاء الذاتي، شملت مشروع استصلاح وزراعة الأراضي في جنوب الوادي بمشروع توشكى الخير، وأيضا مشروع مستقبل مصر الذي يمثل باكورة مشروع الدلتا الجديدة العملاق، فضلا عن ما اتخذ من إجراءات بإنشاء محطات معالجة مياه الصرف الزراعي، والتي جعلت مصر من أفضل الدول في رفع كفاءة استخدام المياه، لافتا إلى أن الجهد المبذول في هذه المشروعات وغيرها يعادل بقدر كبير مشروعات قومية كبيرة أخرى ما زالت خالدة في ذاكرة المصريين.
وقال القصير إن ملف الأمن الغذائي أصبح واحدا من أكبر التحديات التي تواجه الدول المتقدمة والنامية على السواء ولم تعد مشكلة الفجوة الغذائية مجرد مشكلة اقتصادية وزراعية فحسب بل تعدت ذلك لتصبح قضية سياسية استراتيجية ترتبط بالأمن القومي والإقليمي لدرجة أصبح الغذاء سلاحا في يد الدول المنتجة والمصدرة له تضغط به على الدول المستوردة لتحقيق أهداف سياسية.
وأكد أن قطاع الزراعة في مصر قد شهد نهضة ودعما غير مسبوق من القيادة السياسية خلال السنوات الثماني الماضية، وقد تمثل ذلك في تأكيد القيادة السياسية المستمر على الدور الحيوي الذي يلعبه القطاع في الاقتصاد القومي، وكذلك التوجيه الدائم بضرورة أن تكون محاور التوسع الرأسي الأفقي هي لتدعيم إنتاج المحاصيل الزراعية الاستراتيجية وتحقيق الأمن الغذائي.
وأضاف أنه تم زيادة الاستثمارات الحكومية الموجهة إلى قطاع الزراعة في السنوات الأخيرة وتنفيذ العديد من المشروعات الزراعية القومية الكبرى، فضلا عن المتابعة المستمرة للقيادة السياسية للأداء في قطاع الزراعة مع تهيئة مناخ الاستثمار فيه، إضافة إلى اعتباره من القطاعات ذات الأولوية ضمن مرحلة الإصلاح الهيكلي نظرا لتميزه بتسارع معدلات النمو فيه.
وأوضح الوزير أن قطاع الزراعة يمثل ركيزة أساسية في الاقتصاد القومي، إذ تبلغ نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي أكثر من 15% كما تعد الزراعة المصدر الرئيسي للدخل والتشغيل إذ يستوعب أكثر من 25% من القوى العاملة، إضافة إلى مساهمته الملموسة في تعظيم الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية من خلال زيادة نسب الصادرات الزراعية الطازجة والمصنعة، فضلا عن مسئوليته عن توفير الغذاء الآمن والصحي والمستدام مع توفير المواد الخام اللازمة للعديد من الصناعات الوطنية.
وقال إن نسبة كبيرة من السكان تعيش في الريف والمناطق الريفية ويعتمدون على الزراعة والأنشطة المرتبطة بها كمصدر رئيسي لدخولهم، مما جعل هذا القطاع هو المسئول عن تحقيق التنمية الاحتوائية والمتوازنة والمستدامة، فضلا عن أنه وفقا للمؤشرات المالية يعتبر من أفضل القطاعات التي حققت معدلات نمو إيجابية رغم كل هذه الظروف، فضلا عن أن القطاع الزراعي قد أثبت قدرته على الصمود باعتباره من القطاعات المرنة خلال جائحة كورونا ولعل الجميع قد تابع ذلك في وقت عجزت فيه كثير من الدول الكبرى عن توفير الغذاء لشعوبها وفي وقت أيضا اتضح أن الأموال وحدها أصبحت غير قادرة على تحقيق الأمن الغذائي للشعوب.
وأضاف أن صادرات مصر الزراعية تجاوزت 6.4 مليون طن قي عام 2022، محققة رقما قياسيا جديدا، كما افتتحت مصر نحو 19 سوقا جديدة لمنتجاتها الزراعية للمساعدة في زيادة الصادرات. وأشار إلى وجود فرص استثمارية زراعية متنوعة متاحة في مصر، وعلى رأسها مشروعات استصلاح الأراضي التي تشمل مشروعات وطنية، مثل مشروع الدلتا الجديدة على مساحة مليون فدان، مع بحث الحكومة عن أسواق بديلة للحصول على السلع الأساسية وتعزيز توطين التصنيع، ومع ذلك فإن تشجيع الاستثمار الأجنبي سيظل أداة مهمة في جهود مصر لتعزيز النمو.
ولفت القصير إلى أنه رغم النهضة التي شهدها القطاع الزراعي في مصر، إلا انه يواجه عددا من التحديات أهمها محدودية الأراضي المتاحة للزراعة وتناقص نصيب الفرد منها والذي وصل حاليا إلى 2 قيراط للفرد مقابل فدان لكل فرد في فترات زمنية سابقة، وذلك نتيجة لتناقص الرقعة الزراعية القديمة تأثرا بالتعديات على الأراضي الزراعية والتوسع في الأحوزة العمرانية ومشروعات النفع العام، وكذلك محدودية المياه اللازمة للتوسع في الرقعة الزراعية.
وأشار وزير الزراعة إلى أن الدولة المصرية تعتبر من الدول التي تعاني من انخفاض نصيب الفرد من المياه، مما يضعها في مصاف الدول التي تعاني من الفقر المائي، كما أن التفتت الحيازي يعتبر عائقا رئيسيا لتنفيذ كثير من السياسات الزراعية.
وتابع أن قطاع الزراعة سيتأثر خلال الفترة القادمة مع زيادة حدة التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية على الإنتاجية الزراعية ومعدلات استهلاك المياه وزيادة ملوحة الأرض، فضلا عن الزيادة السكانية المطردة وهو ما يستوجب منا جميعا التفكير في تدابير وإجراءات لمواجهة ذلك وهي مسئولية مشتركة لنا جميعا.