
أظهر مؤشر مديرى المشتريات للقطاع الخاص غير البترولى فى مصر خلال فبراير أن الشركات متشائمة بشأن حل الأزمة الاقتصادية التى تعيشها البلاد منذ سنة.
وترى الغالبية العظمى من الشركات أن ضعف الطلب والتضخم الحاد وضوابط الاستيراد ونقص العملات الأجنبية، سيستمر طوال عام 2023، بحسب التقرير الصادر أمس.
وتحسنت أوضاع القطاع الخاص غير المنتج للنفط فى مصر هامشيًا خلال يناير لكنه مازال منكمشًا، ويعانى من التضخم المرتفع فى أسعار مدخلات الإنتاج والمنتجات رغم تباطؤه لأدنى مستوى فى 4 أشهر.
وارتفع مؤشر مديرى المشتريات الذى يقيس أداء الاقتصاد المصرى غير المنتج للنفط، خلال فبراير إلى 46.9 نقطة مقابل 45.5 نقطة فى يناير، لكنه لا يزال بعيدا عن المستوى المحايد 50 نقطة، ما يعكس حالة الركود التى يعيشها الاقتصاد، إذ واصل التضخم كبح الطلب، كما زادت ضغوط سلسلة التوريد من سوء الوضع، ودفع ذلك الشركات لخفض انتاجها.
وبحسب التقرير الصادر عن ستاندرد أند بورز جلوبال، جاءت مبيعات التصدير مخيبة للآمال، إذ انخفضت للشهر الثانى على التوالى وبدرجة حادة، بسبب ضعف المناخ الاقتصادى الأجنبى.
وتواجه البنوك المركزية فى العالم موجة تضخم قوية اندلعت بعد الحرب بين روسيا وأوكرانيا، من خلال رفع الفائدة ومحاولة تهدئة النشاط الاقتصادى وكبح الطلب.
قال محسن أبو الدهب، رئيس شركة كولد أليكس للصناعات الغذائية، إن التكلفة تضاعفت خلال الشهرين الماضيين فى ظل ارتفاع أسعار الخامات من المحاصيل الزراعية، فى حين تواجه الشركة تحد فى رفع أسعارها فى ظل عدن تقبل أى زيادة فى الأسعار فى الأسواق الخارجية.
وأشار «أبو الدهب» إلى أن شركته تصدر كامل إنتاجها للخارج لكنها تعانى من خسائر لعدم قدرتها على رفع أسعارها بالتزامن مع ارتفاع معدلات التضخم بالخارج، فى حين تتوالى زيادات التكلفة، فيما رفعت أسعارها بنسبة «طفيفة للغاية» على حد قوله.
وتأثرت العمالة فى القطاع الخاص الذى يضم 79.8% من المشتغلين فى مصر، إذ تخلت الشركات عن موظفيها بأسرع وتيرة فى 9 أشهر.
وتراجعت ثقة الشركات بشأن مستقبل أعمالها خلال الـ12 شهرا المقبلة لأدنى مستوى لها منذ أكتوبر 2022، وتوقع 5% فقط من الشركات المشاركة فى الدراسة ارتفاع الإنتاج.
وفى تقرير وزارة المالية عن الأداء نصف السنوى للموازنة توقعت انخفاض النمو لمستويات ما بين 4% و5% مقابل مستهدفاتها المُعلنة قبل ذلك عند 5.5%.
ولجأت الشركات غير المنتجة للنفط إلى تقليص شرائها للمواد الخام، بشكل حاد فى شهر فبراير، بسبب ارتفاع المواد الخام، ولجأت عوضًا عن ذلك للاعتماد على المخزون.
لكن وتيرة خفض شراء مستلزمات الإنتاج كانت هى الأقل فى 4 أشهر، بالتزامن مع تباطؤ تضخم المواد الخام لأدنى مستوى منذ أكتوبر، وتخليه عن المستوى القياسى المُسجل فى يناير، وكذلك معدل زيادة أسعار المنتجات كانت الأقل فى 4 أشهر.
وقال التقرير إن قيود الاستيراد كان تأثيرها أقل على الأعمال فى شهر فبراير، وإنه رغم تباطؤ التضخم لكنه مازال مرتفعا.
تحسن موسمى
«تكلفة الإنتاج ارتفعت بنحو %27 خلال الشهرين الماضيين نتيجة لانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار، وذلك فى ظل الاعتماد على الخامات المستوردة»، بحسب عماد سلام، رئيس شركة أفريقيا للمنتجات الورقية، الذى كشف أن إنتاج شركته تحسن بدعم من ارتفاع مستويات التصدير لكنه توقع أن يتراجع الأشهر مقبلة مع استمرار صعوبة الاستيراد، وتكوين عدد من الشركات لمخزوناتها وتباطؤ الطلب بعد رمضان.
وفى يناير الماضى، ارتفع التضخم فى مصر إلى %25.3 وهو أعلى مستوى منذ سنوات، وسط توقعات من بنوك الاستثمار بأنه لم يصل لذروته بعد ومن المقرر صدور بيانات شهر فبراير خلال الأسبوع الحالى.
زيادات الأجور وتعامل الشركات معها
«الشركات قد تلجأ لتعطيل الترقيات خلال العام الحالى لتجنب زيادة الموظفين فى المناصب العليا لتتمكن من زيادة العمال أصحاب الأجور المنخفضة»، بحسب حسن الفندى رئيس لجنة الصناعات الغذائية بجمعية مستثمرى العاشر من رمضان.
وأشار رئيس شركة أفريقيا للمنتجات الورقية، إلى أن شركته رفعت الأجور بنحو %15 بداية من رواتب شهر يناير الماضى فى ظل ارتفاع معدلات التضخم وحاجة العمالة إلى تغطية التزاماتها، والتى ترفع تكلفة الإنتاج بنسبة أعلى.
واستبعد رئيس شركة لإنتاج العطور، تسريح العمالة مع ارتفاع تكاليف الأجور، لكنه قال إن شركته لن تلجأ لتعيين موظفين جدد بدلًا ممن يستقيلون أو يبلغون أجل التعاقد.
وقال أبو الدهب إن «كولد أليكس» رفعت أجور العمالة بنحو %30 مطلع العام الجارى، مشيرًا إلى أن بند الأجور يمثل نحو %17 من تكلفة الإنتاج، وأن أى زيادة فى هذا البند تخفض القدرة التنافسية للمنتج»، واضاف أن الشركة تسعى لخفض التكلفة عبر زيادة الإنتاج لتواصل المنافسة فى السوق العالمى.
الضبابية ترجئ التوسعات
الفندى قال لـ«البورصة»، إن صعوبة استيراد مدخلات إنتاج القطاع دفعت شريحة كبيرة من الشركات إلى إرجاء الخطط التطويرية لحين وضوح الرؤية بالسوق خلال الفترة المقبلة.
أضاف أن الزيادات الكبيرة التى طرأت على أسعار أغلب الصناعات الغذائية دفعت شريحة كبيرة من المستهلكين إلى ترشيد الاستهلاك لحين عودة الاسعار إلى طبيعتها وهذا بالتأكيد أثر بشكل مباشر على حركة الطلب.
أشار إلى أن قطاع الصناعات الغذائية، أبرز القطاعات الاستثمارية الواعدة فى السوق المصرى للكثافة السكانية لكن ارتفاع معدل التضخم فى دولة يعرقل عمل أى قطاع أيا كان.