
7 محللين يتوقعون رفع الفائدة بين 2 و3% الاجتماع المقبل
صدمت أرقام التضخم فى فبراير المحللين بعدما سجلت مستويات هى الأعلى فى سنوات، بينما كان التضخم الشهرى هو الأعلى فى عقود.
ودفعت المعدلات التى أعلنت الأسبوع الماضى المحللين لتوقع رفع كبير فى أسعار الفائدة فى اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المقرر عقدها الشهر الحالى.
ويواجه البنك المركزى معركة شرسة مع التضخم، فى وقت لم يستقر فيه سعر العملة المحلية بعد، وتزداد ظروف التمويل الخارجى تعقيدًا، وتعانى موازنة الدولة من ضغوط على خدمة الدين سواء من جانب سعر العملة بالنسبة للدين الخارجى أو من جانب الفائدة بالنسبة للدين المحلى، ما دفع المحللون للجزم بأن الأسوأ فى الأزمة الاقتصادية لم يأت بعد.
وارتفع التضخم العام فى مصر -المُعد من قبل الجهاز المركزى للتعبئة والاحصاء-خلال فبراير، إلى 31.9% على أساس سنوى، فيما كانت وتيرة الزيادة الشهرية هى الأعلى فى 33 عام عند 7.1%.
فى الوقت نفسه، وصل التضخم الأساسى الذى يستبعد السلع المحددة من قبل الحكومة وكذلك السلع المتقلبة، والمُعد من قبل البنك المركزى إلى أعلى مستوى على الإطلاق عند 40.3% على أساس سنوى و8.1% على أساس شهرى.
إجماع على رفع الفائدة
وتوقع 7 محللين تواصلت معهم “البورصة” واطلعت على مذكراتهم البحثية رفع أسعار الفائدة بمعدلات ما بين 2% و3% خلال الاجتماع المقبل للجنة السياسات النقدية، ولم يستبعد المحللون تقديم موعد الاجتماع بشكل استثنائى.
ويرجح المحللون فى “ستاندرد أند بورز” و”جولدمان ساكس” رفع الفائدة 3% بعد مستويات التضخم القياسية فى فبراير.
وقالت منى مدير محللة الاقتصاد الكلى فى أحد البنوك الخاصة إن المركزى قد يلجأ لرفع الفائدة 2%، وأضافت لـ”البورصة” أن مسار التضخم فى مصر غير مستقر وأن الضغوط التضخمية تصاعدية ومستمرة ويغذيها تحركات سعر الصرف ورفع أسعار المحروقات.
وأشارت إلى أنه كان من المتوقع أن يصل التضخم ذروته فى فبراير ولكن مع رفع أسعار البنزين توقعت أن تكون الذروة فى مارس أو أبريل وخاصة مع موسمى رمضان والأعياد.
حليم: بيع الأصول مع إبرام عقود آجلة غير قابلة للتسليم قد يكون حلًا
الأسعار ليست وحدها ما قد يربك حسابات البنك المركزى، الذى قرر فى آخر إجتماعات لجنة السياسات النقدية تثبيت أسعار الفائدة، لكن أيضًا تحركات البنوك المركزية الكبرى وعلى رأسها الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى، إذ أنها تؤثر على حجم الاستثمارات الأجنبية فى سوق الدين المحلى.
وتقول آية زهير، رئيس قسم البحوث الاقتصادية بشركة زيلا كابيتال، إن توجه الفيدرالى الأمريكى غير واضح حتى الآن، هل سيكتفى برفع 25 نقطة أساس أم يرفع بأكثر من المتوقع وفق ما جاء فى شهادة رئيسه جيروم باول الأخيرة أمام الكونجرس.
وتوقعت أن يرفع البنك المركزى فى مصر أسعار الفائدة، لكنها لم تحدد نسبة الرفع المتوقعة، مشيرة إلى أن الضغوط على الجنيه من العوامل التى ستحدد أيضًا نسب الزيادة بجانب قرار الفيدرالى.
خيارات السياسة النقدية
فقد الجنيه نحو 50% من قيمته منذ مارس 2022، ولا يزال يعانى بعض الضغوط فى ظل شكاوى المستوردين من تدبير العملة من قبل البنوك.
ويتوقع عدد من بنوك الاستثمار العالمية أن يتراجع الجنيه أمام الدولار إلى مستويات ما بين 33 و35 جنيها للدولار.
وقال محلل بأحد بنوك الاستثمار، إنه مع استحقاق شهادات الـ18% ربما يجب على البنوك توفير بدائل ذات عائد مرتفع لمدد قصيرة، مشيرًا إلى أن أسوأ التوقعات للجنيه تدور حول 37 جنيها، والمعظم يُقدر انخفاض بنحو 10%، لذلك يجب أن يسبق البنوك والبنك المركزى توقعات السوق لوقف اكتناز الدولار.
أضاف أن رفع البنك المركزى لأسعار الفائدة وبالتبيعة رفع الفائدة على أذون وسندات الخزانة، سيجعل البنوك قادرة على طرح شهادات بعائد مرتفع، دون الإضرار بهامش أرباحهم ودون إثارة حفيظة صندوق النقد الذى علق على الضغوط التى تواجه ربحية البنكين الحكوميين اللذين يحتاجان باستمرار لتدعيم قواعدهما الرأسمالية نظرًا لكبر حجمهما وأهميتهما النظامية.
نجلة: هيكلة الموازنة ضرورة للخروج من ديلمة الديون
وذكر أن من بين الأهداف التى يتابعها صندوق النقد الدولى هو تحرك الفائدة على المعاملات بين البنوك فى نطاق 50 نقطة من سعر الكوريدور، ويعنى ذلك أن قدرة البنك المركزى على سحب الودائع وإجراء تشديد كمى عبر سحب السيولة من خلال الودائع المربوطة بالكوريدور باتت أقل.
يختلف محمود نجلة، مدير إدارة الدخل الثابت فى شركة الأهلى لإدارة صناديق الاستثمار مع ذلك الطرح، إذ يرى أن البنك المركزى، مع توقعات ارتفاع التضخم، سيواصل سحب السيولة لتجنب نشوء ضغوط من جانب الطلب.
واستبعد مصطفى شفيع، رئيس قطاع البحوث بشركة عربية أون لاين، لجوء البنك المركزى إلى رفع الاحتياطى الإلزامى للبنوك لدى البنك المركزى، لكنه توقع زيادة الفائدة بنسبة لا تقل عن 3% خلال النصف الأول من العام الحالى سواء دفعة واحدة أو على أكثر من مرة لاستعادة توازن السوق، وكبح جماح التضخم.
ولجأ البنك المركزى فى سبتمبر الماضى إلى رفع نسبة الاحتياطى النقدى الإلزامى من الودائع على البنوك إلى 18% بدلا من 14%، ويعد هذا الرفع فى الاحتياطى الإلزامى هو الأول منذ 10 أكتوبر 2017، وأدى لسحب سيولة بقيمة 150 مليار جنيه دفعة واحدة.
محلل: يجب على الحكومة البدء بشكل مقنع فى عمليات الطرح لتجنب سيناريو باكستان
“فى ظنى أن البنوك ستطرح وعاء إدخارى مرتفع العائد بالتزامن مع استحقاق شهادات الـ18%، وحال لم تفعل ذلك ربما سنشهد سياسة تقييد ائتمانى” بحسب هانى جنينة، محاضر بكلية الإدارة بالجامة الأمريكية بالقاهرة.
أضاف أن ما يحتاجه المركزى حاليًا هو التمسك بمرونة سعر الصرف، وأن يكون هناك تحرك نحو إصلاحات حقيقية وتعميق لدور القطاع الخاص بما يساعد فى جذب تدفقات مستدامة تؤدى لاستقرار قيمة العملة.
ويرى سامر حليم، رئيس قطاع البحوث الاقتصادية فى أحد البنوك الخاصة، أن هناك حاجة لتوفير السيولة بشكل سريع، وأقصر الطرق هو بيع الأصول لأن الدول لا ترفع صادراتها فى شهرين.
أضاف فى حسابه على لينكد إن أن إبرام عقود آجلة غير قابلة للتسليم مع المستثمرين قد يكون حل لتسريع المضى قدمًا فى الطروحات.
هل تغذى زيادة الأجور نمو الطلب؟
واستبعد جنينة، أن تؤدى زيادات الأجور التى أعلنتها الحكومة مؤخرًا إلى جولة ثانية للتضخم عبر تغذية ضغوط الطلب، مشيرًا إلى أن الزيادات غير مؤثرة إذ تحتاج الأجور للنمو بأكثر من معدلات التضخم لتغذى جولة جديدة من التضخم الناتج عن الطلب.
ونوه إلى تحسن نسبة الغطاء النقدى وانخفاض المعروض النقدى خلال يناير الماضى، لكنه ذكر أن مصر بحاجة لخفض معدل نمو المعروض النقدى إلى ما بين 14% و15% كى يكون الفارق بينها وبين متوسط معدل النمو فى مصر والبالغ 4.5% فى السنوات الأخيرة إلى نحو 10%.
والمعروض النقدى هو النقود فى شكل أموال خارج خزائن البنوك أو أرصدة الحسابات الجارية والتوفير، وأحد طرق خفض المعروض النقدى عبر تحويل جزء منه إلى أشباه النقود وهى الودائع والشهادات المربوطة بأجل معين.
الفائدة وخدمة الدين
ارتفعت فاتورة فوائد الدين 36% خلال النصف الأول من العام المالى الحالى، متأثرة برفع الفائدة 8% خلال 2022، إذ إن كل زيادة 1% ترفع عجز الموازنة 30 مليار جنيه، وكذلك بتراجع قيمة العملة.
ويرى نجلة إن المشكلة الأكبر التى تواجه الدين العام هى خدمة وتقييم الدين الخارجى، التى ترتفع مع خفض قيمة الجنيه، بجانب رفع الفائدة.
أضاف أنه لابد من إعادة هيكلة الموازنة، إذ أن التوسع فى الاقتراض لسد عجز الموازنة، ليس سوى حل مؤقت، مشيرًا إلى ضرورة استكمال برنامج هيكلة الموازنة الذى عملت مصر عليه منذ عام 2016 بالاتفاق مع صندوق النقد الدولى من خلال خفض المصروفات وزيادة الإيرادات، وحققت فيه نتائج جيدة حتى واجهت أزمة فيروس كورونا العالمية ثم تبعتها أزمة حرب روسيا فى أوكرانيا.
وقال شفيع، إن المالية ستواصل الاعتماد على أذون الخزانة قصيرة الأجل لسد عجز الموازنة، فيما ستتوسع فى الاقتراض الخارجى عبر طرح صكوك سيادية التى اعتبرها أسهل وأسرع الطرق للاقتراض لتوفير النقد الأجنبى مقارنة بالمبادرات الخاصة بالسماح لاستيراد السيارات للمصريين المقيمين بالخارج، وبيع الأصول المملوكة للدولة للصناديق السيادية العربية وغيرها التى تأخذ بعض الوقت.
تحديات النمو الاقتصادى
تستهدف مصر تحقيق نمو اقتصادى ما بين 4% و5%، لكن مع رفع الفائدة وغياب القدرة لدى المصنعين على التسعير فى ظل زيادات الأسعار فهناك تحديات أمام تحقيق هذا الهدف.
وحاولت وزارة المالية معالجة ذلك عبر مبادرة دعم الفائدة لقروض القطاع الصناعى والزراعى لخفضها إلى 11%، وقالت إن القروض ذات الفائدة المدعومة يمكن أن تصل إلى 150 مليار جنيه.
لكن مجدى طلبة، الرئيس السابق للمجلس الأعلى للصناعات النسيجية، يرى أنه مازال هناك تأثير لرفع الفائدة، إذ أنه قد يسبب انكماش فى حين أن قوة القطاعات الإنتاجية قد لا تقدر على تحمله وتعرض بعض الشركات إلى حالات إفلاس.
وقال إن رفع الفائدة البنكية يجب أن يكون فى نطاق ضيق وتدريجى، حتى لا تؤثر سلبًا على القطاعات الصناعية والإنتاجية.
وشدد على أهمية توفير بدائل من قبل الحكومة تحمى القطاع الصناعى، وأن تصل المبادرات التمويلية إلى كافة الفئات الإنتاجية، فضلا عن إعطاء تسهيلات لدخول شرائح جديدة من صغار المصدرين إلى المنظومة، لزيادة حصيلة النقد الأجنبى.
وأشار إلى النموذج التركى الذى قدم خصمًا منذ عدة أشهر على أسعار الكهرباء والمواد البترولية للمصانع لحماية العمالة لديها، لاستكمال نشاطها فى ظل معدلات التضخم المرتفعة مع مراعاة البعد الاجتماعى.
وقال المدير المالى لأحد شركات تصنيع اللحوم فى مصر، إن رفع الفائدة أثر بشكل أكبر على الشركات الكبيرة التى لديها تمويلات قائمة بأرصدة كبيرة، والتى لديها قدرة على التوسع، لكن يخفف من حدتها امتلاك تلك الشركات حصيلة دولارية من الصادرات.
لكنه ذكر أن الشركات الكبرى التى تنتج أكثر للسوق المحلى قدرتها على النمو بأعمالها تأثرت بأكثر من عامل، بينها الفائدة والطلب، ما يضع بالتأكيد ضغوط على نمو القطاع الخاص كما أن خفض الحكومة لانفاقها الاستثمارى سيضع تحديات على النمو.
كتب: أمانى رضوان ورشا سرور ومى خاطر وآية حسن البعل ويوسف شديد