
مع وصول التضخم الأساسى فى مصر خلال فبراير لمستويات مرتفعة، توقع محللون استطلعت آراؤهم البورصة ألا تمثل المستويات نقطة الذروة، وأن تستمر المعدلات فى الاتجاه الصعودى، فى ظل ضغوط التضخم المستورد، لكنهم رجحوا قدرة رفع الفائدة والتشديد النقدى وبرنامج الطروحات على كبح التضخم.
وسجلت أرقام التضخم مستويات تاريخية الشهر الماضى، بعدما بلغ التضخم الأساسى نحو 40% على أساس سنوى وهو الأعلى منذ إطلاق المؤشر فى العام 2009، بينما بلغ التضخم العام نحو 31.9% على أساس سنوى وهو الأعلى منذ صيف العام 2017.
وقال باسكال ديفو، كبير المحللين الاقتصاديين فى بنك بى إن بى باريبا، إنه من الصعب الجزم أن التضخم فى مصر بلغ ذروته فى الوقت الحالى فى ظل ارتفاع مخاطر انخفاض الجنيه على المدى القصير.
أضاف ردًا على أسئلة “البورصة”، أن البنك المركزى أكبر همه حاليًا هو وقف الضغوط الهابطة على الجنيه ومن ثم السيطرة على التضخم المستورد، والأداة الرئيسية فى يده هى رفع الفائدة ما بين 2% و3% من أجل إعادة جاذبية السندات وأذون الخزانة بالعملة المحلية للمستثمرين الأجانب.
واستبعد أن يكون لرفع الفائدة تأثير مباشر على برنامج الطروحات، لكنه ذكر أن التأثير غير المباشر سيتمثل فى أن رفع الفائدة قد يوقف انخفاض قيمة الجنيه وبالتبعية مخاطر سعر الصرف للمستثمرين الأجانب.
وأشار إلى أنه وفق مؤشرات السوق فالجنيه قد يكون يشهد انخفاق ما بين 15 و20% خلال العام الحالى، لكنه لم يحدد سعر معين.
وذكر أن عودة الضغوط على الجنيه سببها صعوبة خفض متطلبات التمويل الخارجى ما بين عجز الحساب الجارى واستحقاقات الدين الخارجى الكبيرة، خاصة مع الاعتماد على تدفقات متقلبة لتمويل الفجوة وهى الأموال الساخنة.
وأشار إلى أن المستثمرين فى المحافظ المالية ظلوا خارج السوق المصرى خلال 2022، بما أدى لزيادة فجوة التمويل الخارجى وانخفاض الجنيه.
وقال إن الجنيه المصرى سيستقر حال تلقى تمويلات جديدة، لكن تلك وسيلة لكسب الوقت، لحين تطبيق إصلاحات هيكلية متوسطة وطويلة الأجل مثل تطوير صادرات القطاع غير البترولى لخفض العجز التجارى، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية خارج قطاع الطاقة.
وارتفع مؤخرًا سعر العقود الآجلة غير القابلة للتسليم، أجل 12 إلى ما بين 37.75 جنيه و38.25 جنيه، فيما بلغت تكلفة التأمين على الديون السيادية لمصر 12.37% بزيادة 3.6% عن بداية العام، وفق بيانات أطلعت عليها البورصة.
وقالت رامونا مبارك، كبيرة محللى “فيتش سوليوشنز”، إن الشركة رفعت توقعاتها لمتوسط التضخم فى مصر خلال العام الحالى إلى 34.3% مقابل 25.9%، بعدما سجل 32% فى فبراير.
وتوقعت على خلفية ذلك رفع الفائدة فى مصر 4% خلال النصف الأول من العام الحالى مقابل 2.5% توقعاتها السابقة.
وأشارت إلى أن التضخم لم يصل لذروته بعد، إذ رفعت الحكومة أسعار الوقود ومن المتوقع المزيد من الزيادات خلال الفصول المقبلة لخفض فاتورة الدعم وهى ضمن ركائز برنامج مصر مع صندوق النقد.
أضافت: “كما نرى ضغوط طلب قوية خاصة على الطعام والشراب قبل شهر رمضان، بالتزامن مع انخفاض قيمة العملة، بجانب عزم الحكومة رفع أسعار الكهرباء فى النصف الثانى من العام، بانب زيادة أسعار المدارس فى أكتوبر، جميعها عوامل تجعل التضخم أعلى من 30% هذا العام”.
وأشارت إلى أن المركزى قد يلجأ لآليات التشديد النقدى الأخرى مثل الاحتياطى الإلزامى، أو طرح شهادات مرتفعة العائد بالبنوك الحكومية، وفى تلك الحالة سيثبت المركز الفائدة أو يرفعها بوتيرة أقل من التى يتوقعوها.
ورجحت “فيتش سوليوشنز” انخفاض الجنيه عن توقعاتها السابقة، إلى أقل من 35 جنيه للدولار، ورغم اتساع الفارق بين السعر الرسمى والموازى، استبعدت لجوء البنك المركزى، لدعمه من خلال الاحتياطى لأن ذلك يقوض مصداقيته، عوضًا عن ذلك توقعت أن يسمح طرح شركتى صافى وطنية بخلاف 4 شركات أخرى فى توفير سيولة بما يسمح بانخفاض الجنيه بوتيرة متدرجة أكثر.