- لم يُحظر الغاز أبدًا .. لكن بمجرد فرض العقوبات الأوروبية بدأت روسيا إغلاق الصنابير
في خضم الحرب الروسية الوحشية على أوكرانيا، يواصل البترول والغاز الروسي التدفق عبر خطوط الأنابيب الأوكرانية، وهو الأمر الذي وصفه مستشار الطاقة الأوكراني الذي يفضل عدم نشر اسمه، بالأمر “المثير للسخرية”.
قبل الحرب، كانت أوروبا تعتمد على روسيا فيما يتراوح بين 40 ـ 45% من وارداتها من الغاز وحوالي ربع بترولها.
ومنذ ذلك الحين، حاولت روسيا إرغام أوروبا على إسقاط العقوبات الاقتصادية عن طريق خنق الإمدادات، لكن أوروبا بدورها فصلت نفسها عن الطاقة الروسية، لكن ليس بشكل كامل.
ومن هنا، أوضحت مجلة “ذا إيكونوميست” البريطانية، أن التدفق المستمر هو جزئياً من مخلفات النظام القديم، وجزئياً بفضل قانون العقود وواقع السوق والمنفعة السياسية.
بالنظر إلى النفط في المقام الأول، فقد حظرت أوروبا استيراد البترول المنقول بحراً من روسيا، مع بعض الاستثناءات المؤقتة، في ديسمبر الماضي، لكن خطوط الأنابيب تم استثنائها في امتياز للدول غير الساحلية.
رداً على ذلك، أغلقت روسيا خط أنابيب شمال دروجبا المتجه إلى بولندا وألمانيا.
ومع ذلك، استمر البترول في التدفق عبر خط أنابيب جنوب دروجبا عبر أوكرانيا إلى مصافي التكرير في جمهوريات التشيك وسلوفاكيا والمجر، وهو الأمر الذي يساعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الحفاظ على علاقته الخاصة مع رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، الذي يضغط باستمرار ضد عقوبات الاتحاد الأوروبي.
هذه الدول الثلاث تمنع العقوبات من تصدير الوقود الذي تنتجه من الخام الروسي إلى دول أخرى، باستثناء جهة واحدة مثيرة للسخرية، ألا وهي أوكرانيا.
حصة روسيا من واردات الغاز الأوروبية انخفضت إلى ما يزيد قليلاً عن 10%
وتضررت المصافي الأوكرانية بشدة، إذ يقع معظمها في شرق البلاد الذي مزقته الحرب.
مع إغلاق موانئها على البحر الأسود، فإن الطريقة الأخرى الوحيدة التي يمكن لأوكرانيا من خلالها الحصول على البنزين هي عن طريق الشاحنات أو القطار.
تعليقاً على الأمر، يقول مستشار الطاقة الأوكراني إنه “فيما يتعلق بالاستراتيجية العسكرية الساخرة، لا نزال بحاجة إلى هذا البترول”.
في غضون ذلك، لم يُحظر الغاز الروسي أبدًا، لكن بمجرد أن فرضت أوروبا عقوبات، بدأت روسيا في إغلاق الصنابير.
على الرغم من التدمير الغامض لخط أنابيب “نورد ستريم” في سبتمبر، كان بإمكان روسيا تزويد العملاء الأوروبيين بالغاز عبر الشبكة الأوكرانية.
وعندما أغلقت أوكرانيا نقطة دخول لخط أنابيب في الأراضي المتنازع عليها، رفضت روسيا دفع رسوم العبور كاملة وهددت بقطع الإمدادات، بالتالي عرضت أوكرانيا إعادة توجيه الغاز، لكن روسيا رفضت.
أحالت شركة “نافتوجاز”، شركة الطاقة الحكومية الأوكرانية، شركة “غازبروم” الروسية إلى محكمة التحكيم الدولية لحل النزاع.
تحذير بوتين من أن أوروبا “ستتجمد” بدون الغاز الروسي لم ينتهِ قط، فقد كان الشتاء دافئًا، ووجدت أوروبا مصادر أخرى.
وبحلول مارس، انخفضت حصة روسيا من واردات الغاز الأوروبية إلى ما يزيد قليلاً عن 10%، وحوالي نصف هذا الغاز الطبيعي المسال تم شراؤه من شركة روسية خاصة، فيما يمر ربع آخر عبر خط أنابيب “ترك ستريم” إلى جنوب أوروبا، أما البقية تمر عبر أوكرانيا، ومعظمها يتجه إلى سلوفاكيا والنمسا.
يتوقع المحللون أن تنهي روسيا هذا التدفق المتضائل، إذ ينتهي العقد المبرم بين “نافتوجاز” و “غازبروم” في نهاية عام 2024، ومن الصعب توقع تجديده.
يقول المسؤولون الأوكرانيون إنه طالما أن الأوروبيين يشترون الغاز الروسي فسوف يحترمون عقدهم لنقله، خاصة أنه لن يكون من مصلحتهم تعريض الدعم الأوروبي للخطر من خلال إثارة ضجة.
أشارت “ذا إيكونوميست” إلى أن إبقاء شبكة أوكرانيا مفتوحة يساعد أيضًا العملاء الأوروبيين الذين يقاضون شركة “غازبروم” لقطعها، وإلا فقد يجادل الروس بأن انفجار “نورد ستريم” جعل التسليم مستحيلاً.
انخفض طلب أوكرانيا على الغاز، مع تدمير جزء كبير من صناعتها، حيث تنتج البلاد ما يكفي تقريبا لاحتياجاتها، لكنها تستورد معظم بترولها، خاصة الديزل، للمولدات التي تستخدمها أثناء انقطاع التيار الكهربائي وللمركبات العسكرية.
تشتري أوكرانيا الديزل من مختلف التجار، وغالبًا ما يكون مصدره غير معروف، لكن مستشار الطاقة الأوكراني يؤكد أن جزءًا من الوقود الذي يغذي الدبابات الأوكرانية ربما يكون روسيًا.