مطالب بمنح حوافز لتشجيع الفلاح على التوسع بمساحات زراعة القمح والأصناف عالية الإنتاجية
توقعت وزارة الزراعة الأمريكية استقرار إنتاج مصر من القمح فى موسم 2023-2024 “يوليو-يونيو” عند 9.8 مليون طن دون تغيير عن تقديرات الموسم الأخير.
وتم تحديد مساحة الزراعة بنحو 4 ملايين فدان مثل العام التسويقى السابق، فيما أعلن مركز البحوث الزراعية التابع لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى عن سياسة أصناف القمح قبل الزراعة، والتى تناسب كل منطقة جغرافية من حيث المناخ والمياه وموارد الأرض.
وخلال المواسم الماضية تحسن إنتاج القمح فى مصر من خلال تطوير ممارسات التربية والزراعة، وانتشار أصناف جديدة عالية الإنتاج، كما استخدمت الحكومة أصناف مبكرة النضج وعالية الجودة؛ مما يؤدى إلى زيادة كفاءة استخدام المياه وتحقيق معدلات تكثيف عالية للمحاصيل.
التوسع فى البذور المعتمدة لتغطية 70% من المساحات
وعملت الحكومة على زيادة عدد البذور المعتمدة وتوزيعها على المزارعين بهدف تغطية 70% من المساحة المزروعة خلال موسم 2023-2024 مقارنة مع 50% فى السنة التسويقية السابقة.
ويبدأ موسم شراء القمح عادة فى منتصف أبريل ويستمر حتى منتصف يوليو من نفس العام، وتتوقع مصر خلال 2023-2024 “يوليو-يونيو” شراء نحو 4 ملايين طن من القمح المنتج محليا.
وقال تقرير صادر عن وزارة الزراعة الأمريكية، إن استهلاك مصر من القمح فى 2023-2024 يُقدر بـ20.5 مليون طن، بزيادة تقارب 2% من تقدير 2022-2023 البالغ 20.1 مليون طن.
وعزا التقرير، ارتفاع استهلاك القمح إلى النمو السكانى، حيث يبلغ عدد سكان مصر أكثر من 104 ملايين نسمة ومن المتوقع أن يصل عددهم إلى 124 مليونا بحلول عام 2030، وفقا لتقديرات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وتستضيف مصر أيضا ما يقدر ب10 ملايين مهاجر من العراق وسوريا وليبيا واليمن والسودان.
وقال محمد يوسف، أستاذ الزراعة الحيوية بكلية الزراعة بجامعة الزقازيق، إن التوسع الأفقى والرأسى لابد أن يتبع بشكل أوسع فى زراعات القمح وذلك لزيادة الإنتاج وتقليل الفجوة الاستيرادية لتقليل الضغط على الدولار المستخدم فى الاستيراد.
وأكد أهمية استنباط أصناف جديدة من الغلال عالية الإنتاج وقليلة استهلاك المياه، فضلا عن قدرتها على تحمل الظروف المناخية التى شهدت تغيرات كبيرة خلال السنوات الأخيرة.
وأشار إلى وجود أصناف عالية الإنتاجية تسجل نحو 30 إردب للفدان فى مقابل متوسط يبلغ نحو 18 إردب حاليًا للفدان، أى يضاعف الإنتاج بنفس المساحات.
وشدد على أهمية تفعيل دور الإرشاد الزراعى لتعريف المزارعين بالممارسات الصحيحة للزراعة، فضلا عن الأصناف التى تناسب كل منطقة جغرافية.
ولفت إلى ضرورة التحول إلى زراعة القمح بنظام «المصاطب» وتوعية المزارعين بالممارسات الجيدة فى الحصاد لتقليل الهدر والفاقد من الإنتاج أثناء معاملات الحصاد.
وخفض التقرير الصادر عن وزارة الزراعة الأمريكية، تقديرات استهلاك القمح لعام 2022-2023، لتصبح 20.1 مليون طن بتراجع 1.95%، مقارنة بتقديراته الأولى للعام، وكذلك مستويات الاستهلاك فى الموسم السابق والبالغة 20.5 مليون طن بسبب ارتفاع أسعار الدقيق والمنتجات المخبوزة والكعك والبسكويت والويفر والكرواسون والمعجنات، فضلا عن زيادة فى أسعار الخبز المسطح الأوروبى والأبيض “غير المدعوم”.

وبحسب الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فإن أقسام الطعام والمشروبات ارتفعت بنسبة 62.7% خلال مارس الماضى على أساس سنوى، بسبب ارتفاع أسعار مجموعات الحبوب والخبز بنسبة 69.6%، مقارنة بالشهر نفسه من عام 2022.
وشهدت مصر، خلال الأشهر الأخيرة تضخم فى أسعار المستهلك، تأثرًا بارتفاع أسعار المواد الغذائية والخدمات الأخرى، بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وتعطل سلسلة التوريد، ونقص العملة الصعبة ، وانخفاض قيمة الجنيه المصرى، ومن المرجح أن تستمر أسعار المستهلك المرتفعة طوال عام 2023.
وبحسب التقرير، فإنه على الرغم من تضخم أسعار الحبوب والمنتجات المخبوزة، لم يلاحظ أى نقص فى القمح أو الدقيق أو الخبز أو المنتجات المخبوزة فى المخابز أو الأسواق المحلية أو فى متاجر البيع بالتجزئة التجارية.
وبدأت بورصة السلع المصرية عملياتها اعتبارا من 27 نوفمبر 2022، وتقدم الهيئة العامة للسلع التموينية القمح لمطاحن القطاع الخاص للشراء من خلالها، ويتم عرض كميات القمح للبيع مرتين فى الأسبوع، حيث يقوم التجار ببيع وشراء السلع.
ويأتى قرار إطلاق البورصة السلعية تماشيا مع جهود الحكومة لتغطية احتياجات مطاحن القمح الخاصة من القمح بأسعار معقولة وإعادة التوازن إلى السوق فى أعقاب ارتفاع الأسعار وسط الحرب الروسية الأوكرانية.
اقرأ أيضا: 6 مليارات جنيه حجم تداولات القمح فى البورصة السلعية منذ إطلاقها
ووافق مجلس الوزراء على حافز إضافى لتوريد القمح من المزارعين خلال موسم 2023، ليصل سعر الأردب نقاوة 23.5 قيراط إلى 1500 جنيه، وذلك بعد التنسيق بين الوزارات المعنية، لدعم المزارع وتشجيعه على التوسع فى زراعة المحاصيل الاستراتيجية، كما يسهم القرار فى تخفيض الفاتورة الاستيرادية.
وقال محمد برغش، الرئيس السابق لجمعية مدينة السلام الزراعية بالبحيرة، إن السلع الاستراتيجية وفى مقدمتها القمح بحاجة إلى إطلاق حزمة من الحوافز لتشجيع المزارعين على التوسع بها، وذلك بتوفير بذور عالية الجودة بإنتاجية عالية، فضلا عن مرونة عملية تحديد أسعار التوريد للحكومة.
وشدد على ضرورة ربط عملية التسعير بالسعر العالمى حتى لا تكون هناك فجوة بين أسعار التوريد وأسعار السوق ويتحمل المزارع فروق فى التكلفة تمنعه من زيادة الإنتاج.
ولم يتغير نظام دعم الخبز فى مصر، ومن المتوقع أن يصل إجمالى دعم الخبز إلى 90 مليار جنيه بحلول نهاية السنة المالية 2022-2023، وعلى الرغم من هذه الزيادة الهائلة، لم ترفع الدولة أسعار الخبز.
وتخصص مصر 150 رغيفا من الخبز المدعوم شهريا للمستفيدين بواقع 5 أرغفة من الخبز يوميا، ويباع الخبز البلدى بسعر مدعوم قدره 5 قروش للرغيف، وهذا أقل من عُشر التكلفة الفعلية.
وتعوض الحكومة المخابز عن الفرق فى تكلفة الإنتاج، وتصل التكلفة الحالية لدعم رغيف واحد من الخبز البلدى إلى 0.60 جنيه مصرى، ويسمح نظام الدعم الحالى للمستفيدين الذين يستهلكون أقل من مبلغ الحصة بتحويل مدخراتهم من الخبز إلى نقاط “1 نقطة = 0.01 جنيه”، والنقاط قابلة للاسترداد، ويمكن للمستفيدين استخدام النقاط للاختيار من بين 32 مادة غذائية وغير غذائية أخرى تباع بأسعار مخفضة بنسبة 20-30%.
وخلال السنة المالية 2022-2023 خصصت الحكومة نحو 90 مليار جنيه “5.69 مليار دولار” لدعم الخبز والمواد الغذائية مقارنة بـ87 مليار جنيه “5.5 مليار دولار” فى السنة المالية السابقة.
وأدت الحرب الروسية إلى تعطيل تجارة السلع الرئيسية فى السوق العالمية، وارتفاع كبير فى الأسعار، وتأثرت مصر بضغط هذه والتداعيات، حيث أن روسيا وأوكرانيا هما الموردان الرئيسيان للقمح إلى مصر.
اقرأ أيضا: المطاحن تستقبل القمح المحلى ومطالب برلمانية بزيادة سعر التوريد
ودفع ارتفاع أسعار القمح الحكومة إلى النظر فى معالجة نظام دعم الخبز، ولكن بسبب ارتفاع معدل التضخم الحالى أصبح من الصعب استبدال نظام الدعم الحالى بدعم الخبز النقدى المشروط.
ويوجد فى مصر حاليا أكثر من 410 مطاحن عامة وخاصة، باستثمارات إجمالية تزيد عن 1.5 مليار دولار.
وتنتج المطاحن العامة دقيق 82% والذى يستخدم لصنع الخبز المدعوم، وبما يمثل 70% من الدقيق الذى يذهب إلى برنامج دعم الخبز البلدى، بينما تنتج المطاحن الخاصة الـ30% المتبقية، ولا يسمح لمطاحن القطاع الخاص التى تنتج دقيق الاستخراج 82% لبرنامج دعم الخبز بإنتاج دقيق الاستخراج 72% الذى تنتجه مطاحن القطاع الخاص الأخرى.
وتمتلك مصر 5 آلاف مخبز لإنتاج المخبوزات والمعجنات، بينما يوجد نحو 30 ألف مخبز ينتج ما يتراوح بين 250 مليون و270 مليون رغيف خبز مدعوم كل يوم، وتعتمد مصر بشكل كبير على القمح لإنتاج الخبز المدعوم، وهو عنصر أساسى فى النظام الغذائى المصرى.
ويستهلك المواطنون نحو 100 مليار رغيف خبز سنويًا، بينما تنتج مصر حوالى 1.25 مليون طن من المكرونة سواء المعبأة أو غير المعبأة، ويُمثل إنتاج المكرونة المعبأة حوالى 60% من إجمالى الإنتاج.
ويصل استهلاك المكرونة حوالى مليون طن ويتم تصدير بقية الإنتاج إلى الدول العربية والأفريقية فيما شهدت المكرونة زيادة حادة فى الأسعار، بعد ارتفاع سعر الدقيق.