قبيل قمة مجموعة السبع القادمة في مدينة هيروشيما بغرب اليابان، نزل عدد كبير من اليابانيين إلى الشوارع في طوكيو للاحتجاج على خطة الحكومة إطلاق مياه ملوثة بالنووي في البحر.
كما قدموا شكوى للحكومة اليابانية وشركة طوكيو للطاقة الكهربائية “تيبكو” والبرلمان، يطالبون فيه بتعليق الخطة فورا.
وفي صباح الثلاثاء، تجمع سكان من محافظات طوكيو وفوكوشيما وناغازاكي أمام مقر شركة تيبكو، على بعد كيلومتر واحد فقط من منطقة كاسوميغاسيكي، التي تضم مكاتب الحكومة المركزية في اليابان.
وردد المتظاهرون شعارات تنادي بـ”عدم تلويث المحيط” و”حماية الثروة السمكية” و”حماية المستقبل” في انسجام تام، ورفعوا لافتات كتب عليها “لا لتصريف المياه الملوثة في البحر”، “لا تلويث المحيط من أجل الجميع” و”البحر ليس مرحاضا لمحطات الطاقة النووية”.
وتعرضت محطة فوكوشيما دايتشي للطاقة النووية، التي ضربها زلزال بلغت قوته 9 درجات وتبعه تسونامي في 11 مارس عام 2011، لانصهارات أدت إلى إطلاق مواد مشعة في حادث نووي من المستوى السابع، وهو الأعلى على مقياس الحوادث النووية والإشعاعية الدولية.
وولدت المحطة كميات هائلة من المياه الملوثة بالمواد المشعة من مبرد الوقود النووي بالمفاعل تم تخزينها فيما يعد في حوالي ألف صهريج.
وفي عام 2015، أبرمت الحكومة اليابانية وشركة تيبكو اتفاقا مع الجمعيات التعاونية لمصايد الأسماك في كل من محافظة فوكوشيما والدولة مفاده بأنها لن تشرع في التخلص من مياه الصرف المشعة “دون تفهم الأطراف المعنية” للخطوة.
ومع ذلك، أعلنت الحكومة اليابانية في أبريل عام 2021 خطتها المثيرة للجدل لإطلاق مياه الصرف الملوثة في محيط الباسيفيك وذكرت في يناير من هذا العام أن التصريف سيبدأ “في الربيع أو الصيف”.
وقال كازويوشي ساتو، وهو مدير مشارك لتجمع “كوريومي” الياباني المناهض لتلويث المحيط، وأحد منظمي الاحتجاجات، يوم الثلاثاء إن الحكومة اليابانية تقدم جميع أنواع الأعذار، مؤكدا أن طرق التصريف الأخرى لن تنجح، ولن يتمكنوا من الحفاظ على المياه الملوثة نوويا على الأرض.
وأضاف ساتو، وهو أيضا مقيم في محافظة فوكوشيما، أن الحكومة اليابانية تنفق الآن عشرات المليارات بالعملة المحلية “الين” للترويج لخطة التصريف من خلال منصات إعلامية مختلفة، لكن الجمهور غير مقتنع بمثل هذه الدعاية الخاطئة ولن يوافق على القرار.
تابع “من خلال ما نفعله اليوم، نرفع صوتنا ضد خطة التصريف ليصل إلى العالم بأسره”.
وقال كوزو سيكي، أحد سكان طوكيو وهو في الأصل من فوكوشيما وشارك في العديد من التجمعات المناهضة للتصريف، لوكالة شينخوا، إن الكل هنا من أعضاء جمعية الصيد المحلية إلى السكان المحليين في فوكوشيما يعارض خطة تصريف المواد المشعة”، لكن الحكومة فرضت القرار جبرا على أي حال”.
وأضاف “يجب علينا أن نوقف خطة التصريف”، منوها أن الوقت لم ينفد بعد للبدء في التفكير في أساليب مناسبة وتطويرها بدلا من تلك الخطة.
وفي المسيرات الاحتجاجية التي نظمت أمام مقر شركة تيبكو ومباني مكاتب الأعضاء في مجلس النواب يوم الثلاثاء، قرأ تشيو أودا، وهو مدير مشارك آخر للتجمع، شكوى وقدمها إلى النواب المعنيين طالبهم فيها بالالتزام بالاتفاق الذي أبرم مع الجمعيات المحلية مثل اتحاد محافظة فوكوشيما للجمعيات التعاونية لمصايد الأسماك، وعدم تصريف المياه الملوثة نوويا في المحيط دون تفهم وموافقة الأطراف المعنية.
وطالب مقدمو الشكوى بالكشف عن المعلومات المتعلقة بمدى تركيز النويدات أو النظائر المشعة وكامل الكمية الموجودة وإعادة تقييم تأثير الإشعاع على البيئة البحرية والكائنات الحية.
كما طالبت الورقة شركة تيبكو باتخاذ إجراءات مضادة أساسية مثل استكشاف بناء صهاريج كبيرة لتخزين المياه الملوثة نوويا على المدى الطويل وتعزيز التطبيق العملي لتقنيات فصل التريتيوم.
وفي مساء الثلاثاء، تجمع حوالي 500 متظاهر في حديقة هيبيا، حيث تساءل تاكايوكي ياني، أحد سكان فوكوشيما ويعمل في صناعة صيد الأسماك، عما إذا كانت الحكومة ستقوم بتصريف مياه الصرف دون تصريح متجاهلة الاتفاق السابق.
وقال إن المواد المشعة في مياه الصرف لا تزال تثير القلق كما قوبلت المنتجات البحرية من فوكوشيما بالرفض في الأسواق على خلفية تسريبات سابقة لمياه ملوثة نوويا كانت مخزنة في الصهاريج.
وأضاف “هذا أمر غير مقبول بالنسبة لنا في صناعة صيد الأسماك وأعتقد أن معظم الأطراف المعنية لا تفهمه”.
في الوقت نفسه، دعمت جماعات مدنية من كوريا الجنوبية المسيرات الاحتجاجية اليابانية يوم الثلاثاء. ولم تخف إستير يو، التي سافرت من كوريا الجنوبية لحضور المسيرة، في تصريحات لوكالة شينخوا، قلقها حيال تصريف المياه الملوثة في المحيط.
وقالت “نشعر بالغضب لأن حكومة كوريا الجنوبية لم تعد تعارض الخطة بنشاط الآن بل تتسامح معها”.
كانت الساعة قد تجاوزت السابعة ليلا وبدأت الأضواء في الشوارع في الظهور ولا يزال المتظاهرون يهتفون بالشعارات بينما يسيرون باتجاه منطقة غينزا الشهيرة بالتسوق في طوكيو.