البلاد تبدو وكأنها عالقة في فخ الثقة
الانتعاش غير المتكافئ فشل حتى الآن في تحسين الحالة المزاجية
المستثمرون الأجانب والمستهلكون الصينيون ليست لديهم ثقة كبيرة في تحقيق انتعاش هذا العام
شباب الصين لا يمثلون سوى شريحة صغيرة من السكان في سن العمل في البلاد ونسبة أضئل من القوة العاملة فيها، فالعديد من أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و 24 عامًا، في النهاية، لا يزالون في المدرسة أو الجامعة وبالتالي لا يبحثون عن عمل.
في الأعوام الأخيرة، استقطبت آفاق عملهم الانتباه وأثارت القلق، فقد انخفض معدل البطالة الإجمالي في الصين من 5.3% إلى 5.2% الشهر الماضي، حسب الأرقام الصادرة في 16 مايو.
وقد طغى على هذا التحسن ارتفاع معدل بطالة الشباب إلى 20.4%، وهو أعلى معدل مسجل منذ بدء البيانات في عام 2018.
يجادل شيانجرونج يو، من بنك “سيتي جروب”، وزملاؤه، بأن الاهتمام الهائل الموجه إلى قضايا مثل بطالة الشباب هو أحد أعراض “فخ الثقة” الناشئ في الصين.
حتى مع تجاوز التعافي الاقتصادي للبلاد التوقعات إلى حد كبير في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، بدا أن المستثمرين يركزون على “الروابط الضعيفة”، والتي شملت الواردات الضعيفة ومعدلات التضخم الضعيفة، وفشل التصنيع في مضاهاة قوة الخدمات والشباب العاطلين عن العمل.
شعر المستثمرون الأجانب بالتوتر إزاء الصين مع تصاعد التوترات الجيوسياسية، ففي 17 مايو، انخفضت عملة اليوان إلى أكثر من سبعة مقابل الدولار الأمريكي، لكن خبراء الاقتصاد في “سيتي جروب” لاحظوا أن “التشاؤم منتشر بشكل كبير ومستمر على الجانب المحلي”.
هذا الأمر يتضح في أسواق الأسهم الصينية، التي تخلت عن العديد من مكاسبها من إعادة الافتتاح الأولي للبلاد، حسبما نقلت مجلة “ذا إيكونوميست” البريطانية.
وبالكاد تم تسجيل مفاجآت سارة في البيانات الاقتصادية في أسواق الدخل الثابت، فقد أصبحت عوائد السندات الحكومية أعلى قليلاً مما كانت عليه في ظل تفشي جائحة كوفيد-19.
رغم أن ثقة المستهلك تبدو أفضل من العام الماضي، إلا أنها لا تزال أقل بكثير من المستويات المسجلة في عام 2019.
كذلك، فشل الانتعاش غير المتكافئ في الصين حتى الآن في تحسين الحالة المزاجية، ومن هنا يكمن الخطر الآن في أن الحالة المزاجية ستتسبب في تداعي تعافي الصين.
في أبريل، على سبيل المثال، نما الائتمان ببطء مفاجئ، وكانت مبيعات التجزئة ضعيفة مقارنة بالتوقعات المتفائلة، رغم قوتها مقارنة بشهر أبريل من العام الماضي، عندما دخلت شنغهاي والمدن الكبرى الأخرى في حالة إغلاق للتصدي لتفشي وباء كوفيد.
كما أن الإنتاج الصناعي لم يرقِ إلى مستوى توقعات المحللين.
كان الاستثمار من قبل الشركات المملوكة للدولة قوياً بشكل معقول، لكن الإنفاق من قبل الشركات الخاصة كان أعلى بنسبة 0.4% فقط في أبريل مقارنة بالعام الذي سبقه، حسب ما ذكرته شركة الأبحاث “أكسفورد إيكونوميكس”.
يمكن تفسير هذا النمو المخيب للآمال بشكل جزئي من خلال سوق العقارات في الصين، حيث يبدو أن التعافي الناشئ الآن موضع شك، فبناءً على دعوات الحكومة، أعطى المطورون الأولوية لإكمال مشاريع البناء غير المكتملة، بدلاً من الاستثمار في مشاريع جديدة.
وانخفضت عمليات إنشاء الإسكان بأكثر من 20%، حتى مع نمو مساحة الطوابق المكتملة بنسبة 19% تقريبًا.
الضعف في سوق العقارات دفع بعض خبراء الاقتصاد إلى تقليل توقعاتهم للنمو لهذا العام، فعلى سبيل المثال، خفض تينج لو، من بنك “نومورا”، توقعاته من 5.9% إلى 5.5%.
وأوضح لو أن “الانتعاش توقف، ويرجع ذلك جزئيًا إلى عدم قدرة بكين على تعزيز الثقة بين المستهلكين والمستثمرين من الشركات”.
وتابع أنه “في ظل بدء خيبة الأمال، نتوقع ارتفاعًا في خطر حدوث دوامة هبوطية”.
في الوقت نفسه، يمكن أن تسعى الصين إلى إحياء الانتعاش والثقة من خلال تخفيف السياسة النقدية بقوة أكبر، فقد انخفض معدل التضخم إلى 0.1% فقط في أبريل، تاركًا مجالاً كبيرًا للتحفيز النقدي.
ولكن نظرًا لأن هدف النمو الرسمي للصين لهذا العام هو 5% فقط، فقد لا تتسرع الحكومة في تقديم خطط الإنقاذ.
كما أن المستثمرين الأجانب والمستهلكين الصينيين ليست لديهم ثقة كبيرة في انتعاش الصين خلال العام الحالي، إذ يشير هدف النمو غير الطموح للحكومة، المُحدد في مارس، إلى أنها لا تتمتع بثقة كبيرة أيضًا.