ثمة قليل من الدلائل الثمينة على خفض روسيا لإنتاجها من البترول، حتى في ظل مزاعم الرئيس فلاديمير بوتين ومسؤولين حكوميين آخرين، إنه جار.
ربما تكون حقيقة أن البلاد لا تسحب إمداداتها من السوق العالمية مصدر إحباط بالنسبة لحلفاء روسيا في مجموعة الدول المصدرة للبترول وحلفائها “تحالف أوبك+”، الذين التزموا بخفض إنتاجهم لدعم أسعار البترول.
أفادت وكالة أنباء “بلومبرج” أن شحنات الخام الروسي خارج حدود البلاد تواصل الارتفاع، ولا تنخفض، حتى في وقت يُفترض فيه أن تكون البلاد شهدت ثلاثة أشهر تقريبًا من خفض الإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يوميًا، ردًا على العقوبات وسقوف الأسعار التي فرضتها مجموعة الدول السبع.
نعم.. بدأت التدفقات الخارجية للمنتجات المكررة في التراجع، وتواصل تراجعها بصفة مستمرة الآن، لكنها في الواقع انخفضت بنسبة أقل قليلاً من المعتاد بين الربعين السنويين الأول والثاني من عام 2023.
كانت شحنات البترول الخام القادمة من الموانئ الروسية في الأسابيع الأربعة حتى 21 مايو أعلى بأكثر من 480 ألف برميل يوميًا مقارنة بالأسابيع الأربعة حتى 26 فبراير، وفقًا لبيانات تتبع السفن التي رصدتها “بلومبرج”، وكان فبراير هو الشهر الأساسي لخفض الإنتاج الروسي.
رصدت شركة “كبلر” نمطًا مماثلاً لتدفقات البترول الخام الروسي، إذ أظهرت بياناتها زيادة قدرها 320 ألف برميل تقريباً يومياً خلال نفس الفترة.
وفي كلتا الحالتين لم تتراجع التدفقات، بل ارتفعت الشحنات، بدلاً من ذلك، خلال الفترة الأخيرة بمقدار يتجاوز المليون برميل يوميًا مقارنة بالأسابيع الأربعة الأخيرة من العام الماضي.
هذا الرقم مهم لأن روسيا زعمت أن تدفقات البترول الخام المنقولة بحرًا لاقت دعمًا منذ خفض الإنتاج من خلال تحويل البراميل التي تسلمتها سابقًا عبر خطوط الأنابيب إلى العديد من الدول الأوروبية.
لكن الأرقام تُظهر أن تدفقات خطوط الأنابيب هذه قد تراجعت قبل دخول خفض الإنتاج المفترض حيز التنفيذ.
أوقفت ألمانيا استيراد الخام الروسي المنقول عبر خطوط الأنابيب خلال العام الحالي، فيما شهد يناير آخر الإمدادات المرسلة إلى بولندا.
أعيد توجيه تدفق البترول الخام الروسي إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب قبل الإعلان عن قرار خفض الإنتاج، ناهيك عن تنفيذه.
بذكر أيضًا أن التدفقات عبر خطوط الأنابيب استقرت منذ فبراير.
بالتالي، إذا لم تنخفض تدفقات الترول، فهل يمكن أن يكون خفض الإنتاج ملموسًا في شحنات المنتجات المكررة؟
تعتبر الصورة في هذه الحالة أكثر تعقيدًا، لكن في النهاية ليس هناك سوا دلائل محدودة على تسجيل انخفاض حقيقي في الإنتاج.
تشير بيانات “كلبر” لتتبع شحنات المنتجات الأسبوعية من الموانئ الروسية إلى انخفاض الشحنات بشكل حاد من ذروتها البالغة حوالي 3.5 مليون برميل يوميًا في الأسبوع حتى 26 مارس، ثم انخفضت الأحجام بمقدار مليون برميل يوميًا بحلول الأسبوع المنتهي في 21 مايو.
هذا الرقم يبدو كبيرًا ظاهريًا، فحتى مع استخدام متوسطات الأربعة أسابيع للتخفيف من الأرقام المبالغ فيها، فإن الانخفاض يزيد عن 600 برميل يومياً.
لكن مسار المنتجات المكررة الروسية على مدى الربع الأول من العام الحالي كان سلسًا، وسط تقلبات شديدة في وقت قريب من حظر الاتحاد الأوروبي للواردات المنقولة بحراً، والذي دخل حيز التنفيذ في أوائل فبراير.
تراجعت تدفقات المنتجات المكررة في البداية، ثم انتعشت بشكل كبير، في ظل القفزة التي حققتها الشحنات المتجهة إلى خارج البلاد والتي بلغت ذروتها في الأسابيع الأربعة المنتهية في 26 مارس، وهذا الارتفاع أدى لاحقًا إلى تراجع كبير في الشحنات الخارجة.
في ظل التقلبات التي شهدتها تدفقات البترول الخام في الأشهر الأولى من العام الجاري، ربما يكون منطقياً المقارنة على أساس متوسط الربع السنوي.
هذا المتوسط يُظهر عدم حدوث تراجع غير طبيعي في صادرات المنتجات المكررة هذا العام.
الانخفاض في متوسط تدفقات المنتجات بين الربع الأول والأسابيع السبعة الأولى من الربع الثاني بلغ ما يقرب من 120 ألف برميل يومياً خلال العام الجاري.
هذا يقارن بمتوسط انخفاض يقترب من 160 ألف برميل يوميًا بين نفس الفترتين في الخمسة أعوام الماضية، علمًا بأن تضمين أو استبعاد عام 2020 الذي تفشي خلاله كوفيد لا يحدث فرقًا كبيرًا في متوسط الانخفاض في الأعوام السابقة.
ربما يؤدي الوقت المستغرق لنقل البترول الخام إلى المصافي ومعالجته ثم شحن المنتجات الناتجة إلى تأخير كبير بين تنفيذ خفض الإنتاج ثم ظهوره في صورة تراجع في صادرات المنتجات المكررة.
لكن بعد 3 أشهر تقريبًا من التعهد بخفض الإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يومياً، ثمة دلائل محدودة على أن تأثيره محسوس خارج حدود روسيا، بافتراض أن الإنتاج قد انخفض فعلياً.