تراجعت القروض الصينية الخارجية بمعدل أسوأ بكثير في الأعوام الأخيرة، إذ أثرت الجائحة ومعدلات التضخم على الاقتصادات الناشئة المشاركة في مبادرة الحزام والطريق في بكين.
أظهرت بيانات “روديوم جروب” إعادة التفاوض على ديون قيمتها الإجمالية 76.8 مليار دولار- شُطبت في بعض الحالات- بين عامي 2020 و2022.
وهذا الرقم أكثر من أربعة أضعاف الديون المتعثرة البالغة 17 مليار دولار للأعوام الثلاثة السابقة، حسبما نقلت مجلة “نيكاي آسيان ريفيو” اليابانية.
كان عام 2020 الأول للوباء هو الأسوأ ، إذ بلغت الديون 48.7 مليار دولار، لكن الـ9 مليارات دولار المسجلة في 2022 ظلت تقدر بثلاثة أضعاف ما كانت عليه في 2019.
دعمت بكين بناء الموانئ والطرق والسكك الحديدية والبنية التحتية الأخرى من آسيا إلى إفريقيا وأوروبا لـ10 أعوام في إطار مبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينج.
لكن هذا التعهد الضخم تباطأ مع تراكم مشكلة الديون، فقد بلغ الاستثمار حوالي 100 مليار دولار سنويًا حتى 2019، لكنه انخفض في ظل الوباء إلى ما يتراوح بين 60 إلى 70 مليار دولار سنويًا تقريبًا بدءًا من 2020، حسب بيانات معهد “أمريكان إنتربرايز”.
تأتي عمليات إعادة التفاوض بشأن القرض بجانب المساعدات المالية، فمن بين مساعدات قدرها 240 مليار دولار قدمتها الصين لأكثر من 20 سوق ناشئ بين عامي 2008 و2021، منحت 30% تقريبًا من تلك المساعدات في عامي 2020 و2021 فقط، وفقًا لبحث أجراه البنك الدولي و”إيد داتا” وأماكن أخرى.
وجاء حوالي 70% من المساعدات من خلال خطوط تبادل العملات، ما أتاح للبلدان ذات احتياطيات النقد الأجنبي المنخفضة الوصول إلى اليوان لسداد الديون.
تأتي سريلانكا ضمن البلدان التي تتلقى مثل هذا الدعم. فهذا البلد دُفع للتخلف عن السداد بسبب تضخم الديون الخارجية، وعندما اجتمع الدائنون السريلانكيون مؤخرًا لمناقشة إعادة هيكلة الديون، شاركت الصين بصفة مراقب، ويبقى أن نرى ما إذا كانت ستدخل في المفاوضات.
يذكر أن المخاطر المالية لا تقتصر على المقترضين فقط، بل تشمل الصين أيضًا.
ورغم أن بكين تمتلك أكبر احتياطيات للنقد الأجنبي في العالم، متجاوزة 3.2 تريليون دولار نهاية أبريل، فإن الكثير من هذا مرتبط بإقراض البلدان النامية.
من جانبه، قال يوشينو تاماي، من معهد “إيتوتشو” للأبحاث، إن “الصين ستواصل استخدام الحزام والطريق لتوسيع نفوذها في الدول النامية وتأمين الموارد، مع مراعاة مشاكل الديون، ويُتوقع ارتفاع استثماراتها تدريجيًا، لكن يصعب رؤيتها تعود إلى ذروتها المسجلة قبل كوفيد”.