خطة لنقل 20% من إنتاج هواتف “أيفون” إلى الهند والتحول بعيدًا عن الصين
يعد توسيع نطاق الإنتاج فى الهند مهمة استراتيجية ضخمة بالنسبة لشركة “أبل”، ومع مئات الشركات التى تصنع قطع غيار لأجهزة “أيفون”، يُتوقع انتقال الكثيرون بناءً على أهواء “أبل”.
ويُطلب من موردى “أبل” فى الهند، الذين يصنعون سلسلة “أيفون 15” الجديدة، إنتاج أكثر من 15 مليون جهاز “أيفون” فى البلاد خلال العام الجارى، أى أكثر من ضعف الهدف المحدد قبل عام، وهذا جزء من تحول جذرى فى سلاسل التوريد التصنيعية للشركة، حسب ما علمته مجلة “نيكاى آسيان ريفيو” اليابانية.
وظلت الصين لأعوام حجر الأساس المستقر للعملية الإنتاجية لـ”أبل”، حيث يُظهر تحليل “نيكاى آسيان” أن أكثر من 80% من أكبر 188 موردًا لـ”أبل” لديهم منشأة تصنيع واحدة على الأقل فى الصين.
وفى غضون ذلك، استحوذت الصين على أكثر من 95% من إنتاج “أيفون” العالمى منذ إطلاق الهاتف فى 2007.
وقال الرئيس التنفيذى لـ”أبل”، تيم كوك، خلال زيارة للصين فى مارس: “نمت أبل والصين سويًا، وهذا كان نوعًا من العلاقات التكافلية”.
لكن عصر الاعتماد الحصرى على الصين آخذ فى الانتهاء لأسباب سياسية وتجارية على حد سواء.
ففى بداية 2023، طلبت “أبل” من الموردين الاستعداد لإتمام ما لا يقل عن 20% من إجمالى الإنتاج السنوى لهواتف “أيفون” فى الهند فى الأعوام المقبلة، لكن النسبة حاليًا باتت أقل من 10%، حسبما قالت مصادر مطلعة على الأمر لمؤشر “نيكاى”.
وتريد “أبل” توسيع وتعميق الإنتاج فى الهند، حيث يتم توجيهها حاليًا بشكل أكبر نحو المهام الروتينية مثل التجميع.
وبدلاً من تجميع المكونات التى تم الانتهاء منها بالفعل فى الهند، تخطط “أبل” لصنع المزيد من الأجزاء الوسيطة، مثل الأغلفة المعدنية، فى البلاد.
الأهم من ذلك كله، أن “أبل” تريد جلب موارد جديدة لتطوير هواتف “أيفون” من الصين إلى الهند، وهذا يتضمن آلاف المهندسين وإنشاء العديد من المعامل الجديدة.
تحول “أبل” إلى الهند يوازى الانفتاح الدبلوماسى الأمريكى مع نيودلهى، حيث تلعب التكنولوجيا دورًا رئيسيًا.
فعلى سبيل المثال ، عندما التقى الرئيس الأمريكى جو بايدن برئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى فى 22 يونيو، أعلنا بشكل مشترك عن بناء “شراكة أقوى ومتنوعة بين الولايات المتحدة والهند”، كما وقعت مذكرة تفاهم بشأن التعاون فى سلسلة توريد أشباه الموصلات وسلاسل توريد المعادن الهامة.
وتعتبر السياسة مفتاح التحولات الحالية، فقد قال براشير سينج، المحلل المقيم فى الهند لدى شركة أبحاث السوق العالمية “كاونتر بوينت”: “نحن نعلم أن العلاقات بين الولايات المتحدة والصين ليست بهذه العظمة، والعلاقات بين الهند والصين ليست بهذه العظمة، لكن أبل تتحوط من مخاطرها الجيوسياسية عبر إنشاء وحدات تصنيع موازية فى بلدان أخرى، بما فيها فيتنام والهند”.
لكن “أبل” لديها أسبابها الخاصة للسعى لتقليل اعتمادها على سلاسل التوريد الصينية، إذ تُشكل الاضطرابات فى مركز إنتاج “أبل” فى مدينة تشنغتشو الناتجة عن تفشى فيروس كورونا مصدر قلق كبير.
وهناك عامل آخر يُعزز فكرة الاستثمار الصناعى فى الهند وهو استبعاد الوجهات البديلة مثل فيتنام وتايلاند، حيث ارتفاع تكاليف الأرض والمياه والكهرباء مؤخرًا، ويجب على شركات سلسلة التوريد التفكير مرتين قبل الاستثمار هناك، فيما تعتبر الهند بديلا واضحا يجب مراعاته فى ظل ارتفاع عدد سكانها وانخفاض أجورها النسبية ومساحة أرضها الكبيرة ومهارات اللغة الإنجليزية الجيدة.
وتعتبر الهند سوق ضخم للهواتف الذكية، حيث تتوقع شركة “ديلويت” للاستشارات المالية أن يكون لدى الهند مليار مستخدم للهواتف الذكية بحلول 2026، ما يجعلها أكبر سوق بعد الصين.
وترى حكومة الهند أن الوصول إلى هذا السوق هو وسيلة ضغط لإغراء “أبل” لتحقيق المزيد محليًا، وتحسين سمعة قطاع التصنيع فى الهند من خلال جائزة “مورد أبل” المرغوبة.
وقال سينج، من “كاونتر بوينت”، إن “جاذبية الهند تأتى نتيجة سوقها الهائل والعمالة الرخيصة والحوافز الحكومية.. ندرك أننا سنشهد تحولاً كبيرًا هنا”.
لكن تحرك شركة “أبل” فى الهند يأتى على خلفية عملية مساومة معقدة، كما أن نيودلهى تتخذ خطوات لضمان حصول الشركات الهندية على أدوار مربحة فى هذه العملية.
وقالت ليزا كيرتس، مديرة برنامج أمن المحيطين الهندى والهادئ فى مركز الأمن الأمريكى الجديد، إن “الهند ستستفيد بشكل كبير من مصالح الولايات المتحدة والدول الأخرى فى التخلص من المخاطر من الصين، وتحويل سلاسل التوريد إلى أماكن أخرى”.