مشاركة المعرفة في منصات التكنولوجيا العامة يمكن أن يكون لها تأثير كبير
شهدت التجارة الهندية مع أفريقيا نموًا سريعًا في الأعوام الماضية.
فمنذ عام 2003، ارتفعت أحجام التجارة البينية بأكثر من 18% سنوياً في المتوسط لتصل إلى 102.6 مليار دولار العام الماضي.
وبفضل هذا النمو، أصبحت منتجات الهند تمثل 6.3% من إجمالي واردات أفريقيا، فيما تحتل الصين مركز الصدارة بفارق كبير، إذ تستحوذ على 18.3% من واردات أفريقيا.
لتعميق المشاركة مع أفريقيا، يتعين على الهند النظر في مستوى تعاونهما سويًا في مجالات أخرى بجانب التجارة، حسب ما نقلته مجلة “نيكاي آسيان ريفيو” اليابانية.
يمكن أن تكون البنية التحتية في الصحة مجالاً واعدًا، فقد كشفت جائحة كورونا عن العديد من أوجه القصور في أنظمة الرعاية الصحية في أفريقيا.
تشير منظمة الصحة العالمية، إلى أن أفريقيا تتحمل نحو ربع العبء العالمي للمرض، لكنها لا تستطيع الوصول إلى سوى 3% من العاملين في مجال الصحة على مستوى العالم وأقل من 1% من الموارد المالية.
يمكن أن تساعد شركات الرعاية الصحية الهندية، في معالجة هذا الخلل في التوازن من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص، إذ يمكن للشريك الهندي بناء مستشفى أو بنية تحتية للرعاية الصحية أخرى يمكن إدارتها وتشغيلها من قبل مجموعة مستشفيات هندية مع توفير تمويل ربما من قبل شريك هندي ثالث.
كما ستقدم الحكومة الأفريقية المضيفة، الامتيازات وتوفر إطارًا سياسيًا وبيئة تُسهل عمل خبراء الرعاية الصحية الهنود المدربين للعمل على الصعيد المحلي.
في هذا الصدد، يمكن أن تكون الرعاية الصحية مجالًا واعدًا للتعاون بين اليابان والهند في إطار اتفاقية النمو الآسيوي الأفريقي، الذي ظل خاملاً نسبيًا منذ اعتماده في 2017، كما يمكن أن تكون مشاركة التكنولوجيا طريقة أخرى لتعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية.
في الوقت نفسه، هناك واجهة المدفوعات الموحدة التي تعتبر منصة تكنولوجية عامة هندية أخرى يمكن أن تحمل قيمة لأفريقيا، وقد ساعد نجاح النظام في تسهيل عمليات الدفع في جميع أنحاء الهند في إقناع الدول بما فيها البحرين وفرنسا والسعودية وسنغافورة والإمارات بالاتصال مع واجهة المدفوعات الموحدة لصالح الزوار الهنود.
ويمكن أن تساعد تجربة الهند مع واجهة المدفوعات الموحدة، الاقتصادات الأفريقية على تحقيق قفزات كبيرة في مجال التكنولوجيات المالية.
كما أن التكنولوجيا العامة الأخرى التي قد تكون جذابة للدول الأفريقية هي ما تسميه نيودلهي مبادرة “جان دان-آدهار-موبايل”.
وفي ظل هذا الإطار، ربطت الهند نظام الهوية الوطنية “آدهار” ببرنامج “جان دان يوجانا” للشمول المالي، حتى يتسنى دفع الاستحقاقات النقدية الحكومية مباشرة إلى حسابات مصرفية جديدة للمحتاجين.
يمكن للدول الأفريقية استخدام هذه التكنولوجيا لزيادة القدرة على الوصول إلى التمويل وحتى تسهيل حركة البضائع عبر الحدود، وذلك نظراً لتزايد استخدام الهاتف المحمول.
وفي الواقع، فإن الأنظمة الهندية لدعم التخليص الجمركي غير الورقي وتبادل البيانات الإلكترونية للمستوردين والمصدرين- مثل نظام التبادل الإلكتروني للبيانات الجمركي الهندي وبوابة تبادل البيانات الإلكترونية الجمركية الهندية- يمكن أن تكون جذابة للدول الأفريقية مع تقدم منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية للأمام.
في الوقت نفسه، سيكون التعليم مجالًا واعدًا آخر للتعاون، فقد افتُتح المعهد الهندي للتكنولوجيا مدراس، الشهر الماضي فرعًا جديدًا في زنجبار بتنزانيا.
وعلى خلفية برنامج التعاون الفني والاقتصادي الهندي الذي بدأ عام 1964، يجب تشجيع الجامعات الوطنية الكبرى في الهند على استكشاف إنشاء برامج في الاقتصادات الأفريقية الرئيسية التي تركز على مجالات مثل التجارة والعلوم الاجتماعية والفنون الليبرالية للمساعدة في توسيع نطاق التعليم ذي الجودة والشمولية.
ويمكن أن تلعب المعاهد التعليمية الهندية المتطورة في دول أفريقية مثل كينيا، دوراً استراتيجياً حاسماً في تعزيز قوة نيودلهي في المنطقة.
يمكن أيضًا أن تفكر نيودلهي في تقديم مزيد من الدعم للشركات الهندية للعمل مع الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في الاقتصادات الأفريقية الرئيسية لصقل المهارات وتعزيز الإنتاج ذي القيمة المضافة، وتسهيل نقل التكنولوجيا، وتوليد فرص عمل محلية.
ويمكن أن تعتمد هذه الجهود على برنامج دعم التجارة والاستثمار الهندي لأفريقيا، الذي عزز القدرة التنافسية لسلاسل القيمة في قطاعات الزراعة والتصنيع الخفيف في إثيوبيا وكينيا ورواندا وأوغندا وتنزانيا من خلال شراكات مع مؤسسات وشركات هندية، وذلك بدعم من الحكومة البريطانية.
ولم يمكنهم البرنامج من الإنتاج لأسواقهم فحسب، بل ساعدهم أيضًا في إعدادهم للتصدير إلى الهند وأماكن أخرى.
على مر السنين، كان تركيز الهند في أفريقيا ينصب على التجارة وإنشاء البنية التحتية من خلال خطوط الائتمان التسهيلية، ومن المهم الآن تحليل الاحتياجات الحالية للقارة.
وتظل الشراكة مع الحكومات المحلية والمؤسسات العالمية المشابهة، والأهم من ذلك القطاع الخاص، أمرًا أساسيًا بالنسبة للهند، كما ستولد المشاركة في مجالات مثل الرعاية الصحية والتعليم والتكنولوجيا لكل من الشركات والحكومة تأثيرًا كبيرًا من شأنه أن يقطع شوطًا طويلاً نحو تعزيز العلاقات في جنوب العالم.