يتوقع المحللون تحسن النمو الاقتصادى فى جنوب شرق آسيا خلال العام المقبل، لكن ظروف الاقتصاد الكلى المتقلبة قد تؤدى إلى مكاسب متفاوتة بين البلدان.
أشار أحد الاقتصاديين إلى أن الدول التى تعتمد على التجارة «لم تخرج من الأزمة بعد، حيث أدى تباطؤ الصادرات الناجم عن ضعف نمو الاقتصادات الصينية والعالمية إلى تراجع أدائها هذا العام».
وتوقعت الحكومة السنغافورية مؤخرًا أن يتراوح نمو اقتصاد البلاد لعام 2024 بين 1% و3%، حيث تتوقع انتعاش الطلب العالمى على الإلكترونيات، أحد القطاعات الأساسية فى الدولة، فيما توقع صندوق النقد الدولى خلال أكتوبر نموها بنسبة 2.1% العام المقبل.
وتظهر التوقعات الرسمية لعام 2024 نموًا أفضل من التوقعات البالغة نحو 1% لعام 2023، فالمسئولين فى البلاد أعربوا عن وجهات نظر حذرة بشأن العوامل الخارجية إثر التباطؤ الاقتصادى الناتج عن التشديد النقدى الذى فرضه بنك الاحتياطى الفيدرالى والتعافى الضعيف لاقتصاد الصين من أزمة كوفيد-19 بشكل كبير على اقتصادات جنوب شرق آسيا، خاصة من خلال التجارة، حسب ما أوضحته مجلة «نيكاى آسيان ريفيو» اليابانية.
وأظهرت أرقام الناتج المحلى الإجمالى فى سنغافورة للربع من يوليو إلى سبتمبر، التى صدرت مؤخرًا، انخفاض صادراتها المحلية غير البترولية بنسبة 18.8% عن العام السابق، بالرغم من أن أرقام نمو الناتج المحلى الإجمالى الرئيسية أظهرت انتعاشًا من 0.5% إلى 1.1% فى الربع الثانى.
وسجلت تايلاند وإندونيسيا أيضًا نموًا أبطأ فى الفترة من يوليو إلى سبتمبر، بنسبة 1.5% و4.9% على التوالى، بسبب ضعف الطلب الخارجى، وكان كلا الرقمين أسوأ من توقعات السوق.
وكتب محللون فى مؤسسة «بى إم آى» البحثية: «من الواضح أننا بالغنا فى تقدير صحة الاقتصاد التايلاندى للعام الجارى، كما أننا نراجع توقعاتنا لعام 2023 بالخفض من 2.8% إلى 2.5%».
وتتوقع المؤسسة أن ينتعش نمو اقتصاد البلاد إلى 3.8% فى عام 2024، قائلة إن «الأداء الضعيف للاقتصاد يعنى أن هناك مجالاً كبيرًا للنمو للحاق بالركب»، ومع ذلك، فإن ماليزيا والفلبين وفيتنام، التى أعلنت جميعها عن أرقام الناتج المحلى الإجمالى الضعيفة نسبيًا فى الربع الثانى من العام، سجلت أرقامًا أفضل فى الربع الثالث، حيث نمت بنسبة 3.3% و5.9% و5.3% على أساس سنوى، على التوالى.
وفى الوقت نفسه، توقع بنك «إتش إس بى سى»، فى تقرير صدر عنه نوفمبر الجارى، أن يصل النمو الإجمالى للاقتصادات الرئيسية «آسيان-6»، وهى إندونيسيا وماليزيا والفلبين وسنغافورة وتايلاند وفيتنام، إلى 4.6% فى عام 2024، ارتفاعًا من 4% خلال العام الجارى.
وعلى المستوى الفردى، تتباين آفاق هذا النمو بالنسبة لكل دولة، بدءًا من 2.4% فى سنغافورة إلى 6.3% فى فيتنام، وفقًا للتوقعات، وتعليقًا على الأمر، قال يون ليو، الاقتصادى لرابطة دول جنوب شرق آسيا فى بنك «إتش إس بى سى»، فى تصريحات للمجلة اليابانية، إن «الاقتصادات الموجهة نحو التصدير، خاصة سنغافورة وفيتنام وماليزيا وتايلاند، لم تخرج من الأزمة».
وتابع: «نتوقع انتعاشًا تدريجيًا فى دورة التجارة العالمية فى عام 2024»، مضيفاً أنه «عندما تتحول الدورة التجارية، من المرجح أن تشهد الاقتصادات الإقليمية انتعاشًا بسيطًا فى التجارة»، إضافة إلى تراجع الصادرات، شهدت رابطة دول جنوب شرق آسيا نصيبها من التضخم فى أعقاب الغزو الروسى لأوكرانيا خلال العام الماضى، بما يتماشى مع الاتجاه العالمى، كما تعتبر الزيادات المستمرة فى تكاليف المعيشة مصدر قلق فى ظل الصراع فى الشرق الأوسط بين حركة المقاومة «حماس» وإسرائيل.
وقال دومينى فيلاسكويز، كبير الاقتصاديين فى شركة «تشاينا بانكينج كورب» فى مانيلا، إنه «من الضرورى إبقاء التضخم تحت السيطرة فى عام 2024، بجانب مواصلة الإنفاق العام وخفض أسعار الفائدة فى النهاية عندما يكون ذلك مناسبًا لتقليل تكلفة ممارسة الأعمال التجارية»، كما أفاد روبرت سييرا، من وكالة «فيتش» للتصنيف الائتمانى عن إندونيسيا: «نتوقع أن يؤدى الانخفاض الحاد فى التضخم حتى الآن إلى تعزيز القوة الشرائية للأسر، بالرغم من أنه من المرجح أن يقابل ذلك ضغوط من أماكن أخرى».
وأضاف سييرا: «إذا ارتفعت الأسعار، فسيكون النمو حتمًا أقل والتضخم أعلى فى العام المقبل»، كذلك توقع مكتب أبحاث الاقتصاد الكلى التابع لرابطة دول آسيان + 3، وهو هيئة مراقبة اقتصادية إقليمية، أن يتراجع معدل التضخم فى جنوب شرق آسيا، وكذلك الصين واليابان وكوريا الجنوبية، إلى 2.6% خلال 2024، من تقديرات العام الجارى البالغة 2.9%.ومع ذلك، حذر التقرير من أن ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة العالمية فى الأشهر الأخيرة أثار مخاوف من حدوث ارتفاع آخر فى أسعار السلع الأساسية، مع تزايد خطر ارتفاع التضخم.
وأوضح مكتب الأبحاث أن «توقعات النمو لآسيان 3+ محفوفة بالشكوك، كما أن صدمة الطاقة العالمية بالتزامن مع التباطؤ الاقتصادى العالمى ستكون بمثابة ضربة قوية للمنطقة».