مما لاشك فيه، انه رغم العديد من التقارير الإيجابية التى تتحدث عن تحسن اوضاع الاقتصاد المصري، إلا ان المواطن المصرى قد يختلف كثيرا فى هذه الرؤية.
فهناك بالفعل فجوة كبيرة بين التغيير المستمر على مستوى الاقتصاد الكلى وشعور المواطن بالأبعاد الحياتية الاجتماعية لهذا التغيير فتتعالى الأصوات بأن الغلاء قاسى والدخل لا يكفى وان الخدمات العامة متدنية. والسؤال الكلاسيكى الملح يظل: متى يشعر المواطن المصرى بالتحسن؟
أولا: تعريف مشاكل الاقتصاد المصرى الحالية
تتلخص مشاكل الاقتصاد المصرى فى 3 مشاكل رئيسية وهي: الدين العام، التضخم والبطالة. وهى مشاكل مرتبطة ومتداخلة الى حد كبير. حيث ترتبط معدلات التضخم بتنامى العجز الناتج عن حجم الدين العام ويؤدى المناخ الانكماشى الى ضعف فى النمو الاقتصادى مما يعظم من البطالة.
ثانيا: ماذا فعلت الحكومة؟
بدأت الحكومة فى تبنى ما يعرف بالإصلاحات الهيكلية والتى تناولت جانب الانفاق عن طريق ترشيد دعم الطاقة، ومحاولة السيطرة على الجهاز الادارى للدولة.
وفى جانب الدخل فرضت الحكومة ضريبة القيمة المضافة. وعلى جانب السياسات النقدية، قامت مصر بتحرير سعر الصرف فى نوفمبر الماضي. وتحاول الحكومة محاربة البطالة عن طريق تحسين مناخ الاستثمار.
ثالثا: الأثر الاقتصادي
تضاعفت موارد الدولة من النقد الأجنبى بعد تحرير سعر الصرف وذلك نظرا لانحسار السوق الموازى ودخول معاملات النقد الأجنبى فى النظام المصرفي. وألقى ذلك بتابعاته على التحويلات الخارجية سواء كانت تحويلات المصريين فى الخارج او الاستثمار الأجنبى فى اذون الخزانة المصرية.
وعلى الجانب المالي، نجحت المالية فى السيطرة على العجز الأولى للموازنة. وهو ما يشير الى زيادة الانضباط فى الإنفاق الحكومي.
رابعا: الأثر على المواطن
تبقى الآثار المترتبة على ما سبق سلبية على المواطن، حيث بلغ معدل التضخم السنوى لأسعار السلع والخدمات فى مصر مستوى قياسي؛ إذ وصل الى 31.7% فى شهر فبراير.
ويعنى ذلك ان المواطن يواجه زيادة شديدة فى الأسعار. وربما تكون هناك موجة تضخمية جديدة مصاحبة لعملية ترشيد دعم الطاقة والتى اصبح من المحتم حدوثها بحلول الصيف.
وتستلزم خفض معدلات العجز، ترشيد الانفاق الحكومى وهو ما يلمسه المواطن من انخفاض الإنفاق على النواحى الاجتماعية كالتعليم والصحة والبنية التحتية.
لذلك، لا يوجد سبيل لأن يشعر المواطن بأى تحسن حقيقى قبل حلول بداية عام 2018 حين من المتوقع ان تستقر معدلات التضخم وتتحسن اوضاع المالية العامة بالشكل الذى يسمح بالمزيد من الانفاق العام.
ومن المتوقع ايضا ان يسهم تحسن المناخ الاستثمارى فى تحسن معدلات البطالة.
ولكن الى هذا الحين سنحيا فى عالمين متوازيين، احدهما يتحدث عن نجاحات خطوات الإصلاح الاقتصادى والآخر يتجرع ويلات هذا الإصلاح ويعيش على امل الخروج الآمن من عنق الزجاجة.