
اقتصادنا يا تعبنا…… الحلقة 35..
لنضرب من حديد على عنق الإرهاب واعناق الإرهابيين بحيث لا تبقى ذيول لهم.. ولكن كيف؟؟.. فما تشهده مصر من أحداث ارهابية على فترات متفاوتة (وآخرها خلال الأحد الدامى الأخير مع اعياد الإخوة الأقباط) لهو أمر مزعج لكل من يفكر فى نهوض هذا البلد.. هنلاقيها منين ولا منين.. من وضع اقتصادى متأزم الى كفرة ارهابيين لا عندهم دم ولا دين ولا اى انتماء لهذه الأرض الطاهرة سواء كان يحمل جنسيتها ـ وهو بذلك أوسخ مخلوقات الأرض ـ لأنه يقتل الأبرياء ويقوض مجهودات الدولة ويشتتها.. او لا يحمل جنسيتها وكلاهما ـ كلب ولا يسوى ولا يستحق سواء القتل او اعدام فى ميدان عام ليكون عبرة لغيره.. ولكن هل هذا يكفى كأسلوب تقليدى وردع غيرهم من العقول المنغلقة.. هل حالة الطوارئ هى المنقذ.. لاشك أن هناك أساليب أفضل إلى جانب ذلك من حيث المعالجة على الأقل من يحمل الجنسية المصرية ومنعه من اللجوء من الطرف بتوسيع ثقافته والاهتمام برقى ونوعية وطبيعة تعليمه وبيئته الاجتماعية التى ترعرع فيها.. لا بد من اجتذاذ الفكر الوهابى والمتطرف من عقول هؤلاء الناس على الأقل الأجيال القادمة.. لا بد اولا من تطوير المنظومة المعلوماتية الأمنية وعقلياتها.. الى جانب تغيير مناهج التعليم التى تزرع بذور الكراهية وتغلق العقل عن التفكير والانتقال من مرحلة الحشو الى المرحلة الإبداع والتكيف مع الفكر الآخر والحضارات الأخرى.. فتفوق الحضارة الفرعونية كان بالعلم.. والى الآن مازالت اسرار كثيرة لم تفك من الحضارة الفرعونية التى تقدمت فى العلوم والفلك.. كذلك الحضارة الإسلامية المعتدلة عندما انفتحت على العالم وترجمت وألفت وأبدعت من شرق الأرض الى مغربها ازدهرت حضارتها وتجارتها وتقدمت وتأثرت بها العديد من الحضارات.. فما الرحالة ابن بطوطة وابن خلدون والخوارزمى وابن سيناء وغيرهم إلا اسماء لمعت بما قدمته فى شتى العلوم.. كذلك الغرب لم يتقدم إلا بالعلم فانتقل من عصر الحروب الى عصر الاطلاع على علوم سبقته بل استفاد من علوم العرب وحضاراتهم واستكمل طريقه فى التقدم العلمى والاستكشافات وعدنا ننتهل ونلهث من جديد لنلاحقهم ولكن.. مازالت هناك عقول كثيرة متجرة متلحفة ومتغطية بستار الديون تمسك بقشوره لا بروحه واعتداله.. فأصبح الإرهاب لا دين له يصيب هنا وهناك.. مصر والسويد وروسيا وامريكا وفرنسا وغيرها كلها دول تعانى من احداث ارهابية على فترات متقطعة.. وأصبح الإرهاب تتولاه جماعات (كداعش وشاكلتها) كما تتولاه دول (بقتل مواطنين واطفال عزل).
لا بد ان تقف دولة عازمة على تطوير تعليمها واقتصادها من خلال سواعد ابنائها وهذا لن يتأتى إلا بالاهتمام بخلق اجيال متفتحة لديها انتماء للوطن وتسلحها بتعليم واخلاق وموسيقى وثقافة وابداع تحت منظومة تعليمية متطورة ومنفتحة قادرة على التعامل مع جميع الأطياف والتعايش السلمى وبناء حضارات كما فعل القدماء.. فلن يزيد العنف إلا عنفا ولن يزيد الحروب إلا حروبا.. ماذا فعل العنف والحروب فى دول مثل اليابان وألمانيا وبريطانيا وروسيا.. العراق، سوريا واليمن وليبيا.. دول اخرتها الحروب سنوات عن طريق التنمية.. وعندما انعكف اليابانيون والألمان على انفسهم لبناء بلادهم من جديد لم ينظروا الى ابواق الحروب وادواتها.. بل نبذوها ونظروا الى تنمية المواطن والبلد وكان لهم من النهضة والتنمية المستدامة.. فأصبحت الصناعة الألمانية واليابانية منافسا عالميا، واصبح المواطن اليابانى والألمانى موضع احترام توافرت لديه سبل التعليم المتميزة والرقى الاجتماعى والاقتصادى والسلام النفسى والجدية فى العمل والإنتاج والخدمات المتميزة من بنية اساسية وطاقة ومرافق وطرق ومواصلات وصناعة محلية نموذجا ومصدر الهام لشعوب طامحة فى النمو والرقى..
فكلما انحط الوضع الاقتصادى والاجتماعى للمواطن كلما دفع ذلك الى عدم استقرار اجتماعى وخلق فئات متطرفة ناقمة على مجتمعها.. فرغم ان فصيل الإخوان ومن هم على شاكلتهم من تجار الدين خريجو كليات الهندسة والطب والصيدلة وغيرها من الكليات المتميزة الا ان عقولهم مقفولة على افكار متطرفة.. نتيجة ما زرع فى «ادمغتهم» من نفايا وفضلات وقشور.
فهل الانتحارى لديه عقل منفتح ويفكر.. لا طبعا.. ما هو إلا عقل انغلق على فكر عقيم او شخص منحط اقتصاديا واجتماعيا وتعليميا جذبته اموال الإرهاب وزغللت عينيه.. ويجب ان تتوقف الدول عن دعم الإرهاب والجماعات الإرهابية.. واصلاح المؤسسات العالمية والإقليمية التى اصبحت منابر للكلام والمصالح السياسية المتفردة لا مصلحة المجموع والإنسان والبشرية.. بل يستغلها البعض لتبرير الإرهاب ذاته وتبرير تصرفات الدول وذريعة للتدخل فى شئون الدول بحسب المصلحة فتقف المؤسسة الدولية الأمم المتحدة عاجزة (امام ارهاب اسرائيل- وارهاب حكومة بورما – وما يحدث فى الدول العربية من مآسٍ انسانية وغيرها من دول العالم) وتقف الجامعة العربية موقف المحلل او الشاجب او المدين او تبرير تدخل ما او اعطاء ضوء اخضر لدول اخرى للتدخل فى شئون دول عربية وزيادة محنتها.
إن الأموال التى تنفق على ارهاب الجماعات أو ارهاب الدول والأسلحة المستخدمة فيها كافية للحد من الفقر العالمى وتحقيق تنمية حقيقية فى الدول الكثر معاناة.. واذا وفرت كل دولة ما تنفقه على دعم الإرهاب او مكافحته (من مجهود او مال) وحولته لجهود تنمية مستدامة ومحاربة الفقر لكان العالم والدول فى حال افضل بكثير… وعلى الرغم من صعوبة حساب الخسائر المباشرة وغير المباشرة التى يتكبدها العالم من العمليات الإرهابية، فإن بعض معاهد الدراسات العالمية، حاولت إصدار مؤشرات خسائر الإرهاب للاقتصاد العالمي.. ومن بين المعاهد، معهد السلام والتجارة العالمى (الذى يصدره مؤشر الإرهاب والذى يوجد مقره فى كل من مدينة أوكسفورد البريطانية، ونيويورك الأمريكية)، ومؤسسة راند وغرفة التجارة البريطانية.. فإذا كان هناك قدر من السهولة حساب التكاليف المباشرة من العمليات الإرهابية، ولكن هناك صعوبة فى حساب التكاليف غير المباشرة التى تتخلل مجمل النشاط الاقتصادي، وتمتد من التأمين إلى الاستثمار إلى أسواق المال ودورة التجارة والحركة التجارية…
ويقدر «مؤشر الإرهاب» الذى يحسب خسائر العالم من العمليات الإرهابية، ففى عام 2014 قدرت تكلفة الإرهاب فى أنحاء العالم، بحوالى 52.9 مليار دولار. وهذه الأرقام لا تأخذ فى الحسبان كلف العمليات الإرهابية فى كل من العراق وسوريا.. وبحسب المؤشر، فإن هذه الكلفة تعد الأعلى، منذ عملية تفجير مبنى التجارة العالمي، بنيويورك فى عام 2001…
وفى عام 2015 أشارت الإحصائيات إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أكثر المناطق المُتأثرة بالإرهاب.. فوفقا لتقديرات واحصائيات معهد الاقتصاد والسلام (IEP)، حيث تعتبر هذه المنطقة الأكثر تأثرًا من ناحية عدد الهجمات الإرهابية وعدد الضحايا؛ وكنتيجة لـ 2415 هجوم إرهابى فى العام 2015، بلغ عدد القتلى 6960 قتيلًا، وعدد الجرحى 11900، وعدد المُمتلكات المُتضررة 519… وبالنظر إلى القتلى، وجد أن 43% منهم مواطنون عاديون، 16% من الشرطة، 13% من العسكر، 7% من السياسيين، 7% رجال أعمال، و4% رجال دين… وبلغت تقديرات تكلفة الإرهاب عالميا (تكاليف مباشرة وغير مباشرة) بلغت 90 مليار دولار أمريكى فى العام 2015، إضافة إلى الخسائر البشرية…
وما نبغى الا إصلاحا..